المشاركات الشائعة

الجمعة، 29 أبريل 2022

المسرحيّة: مغامرة رأس المملوك جابر لسعد الله ونوّس. النصّ الرّابع: المناورة أساس الحكم

 

التمهيد: انقسمت مسرحيّة " مغامرة رأس المملوك جابر " إلى قسمين فصلت بينهما استراحة أعلن عنها الحكواتي وكانت تبعا لمشهد حلق الرأس وكتابة الرسالة عليه وتمثّل الاستراحة مسلكا فنيّا غيّر في طبيعة المسرحيّة القديمة ( تقسيم النصّ إلى فصول يعلن إسدال الستار عن نهايتها ) كما كانت الاستراحة أسلوبا من أساليب التغريب وكسر الإيهام ومنع الاندماج ذلك أنّها غيّرت في مسار الفعل الدرامي ( تقع الاستراحة فاصلا حاسما في المغامرة ما قبل الرحلة ثمّ الشروع في الرحلة )والمسرحيّة جمع من المشاهد ومزيج متداخل من اللوحات المسرحيّة فلا تلتزم ببنية الفعل الدرامي بقدر ما تلتزم ببنية الموضوع (المسرحي(السياسي/الاجتماعي /الوجداني ..).

مسرح التسييس باعتباره مشروعا مسرحيّا حاول من خلاله " ونّوس " إثارة المسألة السياسية بعد الهزيمة وأعاد طرح أسئلة الواقع على نحو مختلف لم تألفه الكتابة المسرحيّة العربيّة قبل الهزيمة وضمن هذا الإطار كانت المسألة السياسيّة ملحّة في حضورها عبر رموز السلطة مكانا ( ديوان الحاكم ) وشخصيّات ( الخليفة والوزير ) وعلى نحو تغريبيّ يحوّل سعد الله ونّوس مسألة السلطة والسياسة من موضوع مسرحي إلى محور يدين الواقع ويكشف مواطن الخلل فيه فالخلل في البنية السياسيّة لا يكمن في فساد السلطة أو قمعها أو استبدادها بل يكمن في عجز الجماهير عن إدراك مواطن الخلل فيها ولذلك كان أسلوب التغريب شكلا من أشكال إعادة مساءلة المألوف السياسي وأسلوبا من أساليب محاكمة الواقع ويعتقد "ونّوس" أنّ إثارة السؤال وتعميق مداه حتى يجتاح كلّ أبعاد الواقع العربي سياسة وثقافة واجتماعا هو المقصد الأساسي من مقاصد مسرح التسييس فهو مسرح يسأل ولا يجيب ومسرح يدين ويحاكم ولا يقترح الحلول .وفي هذا النصّ يعود " ونّوس" إلى مشهد من مشاهد السياسة في بعدها الحكائي وفي هذه العودة مقصد فنيّ يؤكّد عنصر الصراع باعتباره ضرورة فنيّة وأسلوبا من أساليب بناء الفعل الدرامي .

الموضوع: خطّة الأمير والخليفة للقضاء على الوزير والانفراد بالحكم .

المقاطع:

ينقسم النصّ إلى مقطعين ( أسلوب التضمين)

-       من بداية النصّ ....... مشيئة المولى: الركح الحكائي ( الركح الداخلي) الحوار بين الخليفة والامير.

-       بقيّة النصّ: فضاء المقهى ( الركح الخارجي )موقف الزبون من تدبير الأمير.

الخصائص الفنيّة

المضامين

 

1-   الإشارة الركحيّة

* الخصائص

 

  

2- الحوار :

* التوزّع الكمّي بين الشخصيّات

 

* أسلوبه


3- خطاب الخليفة

 

4- خطاب شخصيّة الأمير عبد الله

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الرؤية السياسيّة للأمير:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الركح الخارجي: (فضاء المقهى)

 

 

 

 

 

 

 

التاليف:

 

 

 

 

- تمثّل الإشارة الركحيّة تصديرا لمشهد من مشاهد المغامرة ( الخليفة + عبد الله) وهو شكل من أشكال التغريب إذ تسهم في نقل الجمهور من مشهد إلى مشهد فيتعطّل مسار الحكاية ( مغامرة جابر ) ويتمكّن المسرحيّ من كسر الإيهام.

- التداخل بين الحكي والعرض ( أثناء الكلام يدخل ممثّلان)

- تداخل الفضاءين ( يتّخذان مكانيهما وينتظران سكوت الحكواتي ..بعد لحظات)


- هيمنة شخصيّة عبد الله على كمّ الحوار ممّا يشير إلى هيمنة الحاشية على التدبير السياسي ( أثر الحاشية في الدسائس السياسيّة )

- أسلوب حجاجي قام على ثنائيّة الإرجاء والتعجيل.

- سيطرة الأساليب الإنشائيّة كالاستفهام والنهي والتعجّب والأمر ( التردد والحيرة ).

- يتحوّل إلى ما يشبة الطّرادة ( تخويف الخليفة من ذهاب ملكه إن هو تأخّر في الفتك بالوزير ) " أصبحت اللحظة مناسبة – المناورة أساس الحكم – الفتك مسألة بسيطة للغاية"

- يتحوّل أحيانا إلى ما يشبه الطّرادة (المخاطبة المسهبة /Tirade) كما يشير إلى تحكّم الأمير في الوضعيّة الحجاجيّة عبر تخويف الخليفة من ذهاب ملكه إن هو تأخّر في الفتك بالوزير (أصبحت اللحظة مناسبة..المناورة أساس الحكم..الفتك مسألة بسيطة للغاية..)

     يشير الأسلوب الحجاجيّ الغالب على حوار الشخصيّات إلى مسألة المؤامرات السياسيّة كتعبير عن عن خلل في الفعل السياسي يتجاوز موضوع الحكم إلى مسألة العلاقة بين الرّاعي والرعيّة حيث ينشغل أهل السياسة والحكم بحفظ مصالحهم وإدامة ملكهم والتخلّص من خصومهم ولا ينشغلون برعاية مصالح النّاس وردّ حقوقهم.

-       تدرّج الخليفة من الاعتراض إلى الموافقة ومن التردّد إلى القبول ..

-       لا يبدو الخليفة مدركا لمعاناة الرعيّة محيطا بما يعيشه النّاس في واقعهم من خوف وجوع أمّا خطاب الأمير فيقوم على التأكيد على ضرورة حفظ الملك .

 

- الانفراد بالحكم والتخلّص من خصوم السياسة وإثارة الفتن بين الولاة وتحويل الخلاف السياسي إلى مسألة دينيّة تستهوي العامّة وتدفع بهم في أتون ذلك الصّراع السياسي (حماية الخليفة واجب على كلّ مسلم..)

      اضطلع الحوار والإشارات الركحيّة بوظيفة الاستبطان وكشف العلاقات بين الشخصيّات كما اضطلع بوظيفة دراميّة (تنامي الفعل الدرامي والدفع بالصراع إلى منتهاه..) ولئن كان الخليفة متردّدا حائرا عاجزا عن اتخاذ القرارات والحسم في موضوع صراعه مع الوزير فإنّ الأمير يضاهي الوزير دهاء ومكرا وخداعا فيتحوّل الخليفة إلى مجرّد صورة جوفاء لسائس محكوم لا يقدر على شيء .

لقد طرح هذا النصّ مشكلات الواقع السياسي ( من صميم مسرح التسييس) حيث فجّر من خلالها ونوس أسئلة السياسة والحكم (من هو صاحب السلطة الفعليّة؟) وهل يتحوّل الفعل السياسي من تدبير أمور النّاس ورعاية مصالحهم إلى تدبير المؤامرات؟ وهل دور الحاشية هو إذكاء الفتنة على نحو انتهازي أم النصح؟ ثمّ يتبدّى السؤال الأشدّ عمقا في كتابات سعد الله ونّوس المسرحيّة :ايّ دور للرعيّة في مسألة السياسة والحكم؟

    تدرّج خطاب الأمير عبد الله من إقرار مبدأ المناورة السياسيّة إلى تشريع حماية الخليفة وفي هذا المستوى يتداخل السياسيّ والدينيّ في إطار عمليّة توظيف الدين في الصراع السياسي على نحو يستهوي العامّة ويغيّب وعيهم بالمشكلات الحقيقيّة (تزييف الوعي..).

- كثيرا ما تنتهي المشاهد المسرحيّة في مغامرة رأس المملوك جابر بالعودة إلى فضاء المقهى عبر تعليقات الزبائن أو ردود أفعالهم وفي تلك العودة إشارة إلى اخيارات ونوس الفنيّة القائمة أساسا على استحضار تجربة المسرح الملحمي ( تشريك المتفرّج في عمليّة إنتاج العرض..).

- انغلق النصّ بوصل الركحين الخارجي والداخلي عبر خطاب الزبون (التعجّب) ويمثّل علامة انفعاليّة تجمع بين الحيرة والتساؤل وهو مزيج من الانفعال والتعقّل وفي مسرح التسييس تحريض على الفهم ودعوة إلى التساؤل وسعي إلى إرباك المتفرّج وتفجير طاقات الفعل والعقل فيه وهو مسرح يتجاوز مقاصد الإمتاع (الفرجة) إلى مقاصد تعليميّة توعويّة.

 

بناء النصّ:

كان النصّ مشهدا رسميّا (ديوان الخليفة)

- حضور شخصيّات ذات رمزيّة سياسيّة وتحديد عناصر الصّراع الدرامي (الخليفة والوزير).

- اكتسب الحوار بعدا حجاجيّا.

- حققت الإشارات الركحيّة وظائف تغريبيّة (القيام بأكثر من دور..والتماثل بين الفضاءات الركحيّة..)

المضامين:

- كشف النصّ عن علاقة الراعي بالحاشية ( علاقة تآمر وتحريض وفتنة)

- هذا النصّ ككلّ نصوص "مغامرة رأس المملوك جابر" مليئ بالرمز يشير إلى الواقع العربي بعيد الهزيمة (1967) وفي النصّ تتبدّد أوهام الحكاية وتنجلي حقائق الدلالة ليتطابق الماضي (التاريخ) مع الحاضر (الزمن) في شكل يصبح فيه التاريخ مرآة اعكس خلل الواقع وهزائمه وانكساراته وعالم الحكاية في المغامرة (المؤامرات والخيانات) هو نفسه عالم الواقع وكأنّ ذلك المسار التاريخيّ لم يتبدّل وكأنّ الحكاية تعيد نسخ ذاتها فبغداد زمن الخليفة العبّاسيّ في القرن السّابع للهجرة هي ذاتها بغداد اليوم .

ظلّ مشروع سعد الله ونوس الطامح إلى استنهاض الوعي الجماعي ودفع الجماهير إلى تغيير واقعها متردّدا بين الإمكان والخيبة وليست سلبيّة الزبائن في فضاء المقهى إلا تعبيرا رمزيّا عن سلبيّة الإنسان العربي العاجز عن التغيير.

 

 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات: