الخميس، 28 أبريل 2022

المسرحيّة: مغامرة رأس المملوك جابر لسعد الله ونوّس. النصّ الأوّل: في انتظار العمّ مؤنس.

 

المسرحيّة: مغامرة رأس المملوك جابر لسعد الله ونوّس.

النصّ الأوّل:                                                  في انتظار العمّ مؤنس.

التمهيد:

حمّل سعد الله ونوّس مسرحيّة رأس المملوك جابر بأشكال جديدة تتجاوز الرؤية المسرحيّة القديمة من حيث الأبعاد الفنيّة والطرح الفكريّ وتتنزّل هذه التجربة في إطار المسرح التجريبي ( التجريب أو البحث عن أشكال فنيّة جديدة تستوعب القديم وتتجاوزه في آن لتعبّر عن الاستجابة الفنيّة أو الفكريّة لتغيّرات الواقع وتحوّلاته فكلّ تحوّل اجتماعي أو سياسي أو ثقافي يقتضي من المبدع إعادة صياغة التجربة الفنيّة فلا يمكن التعبير عن واقع متغيّر بأساليب فنيّة تقليديّة فالمسرح التجريبي هو رحلة بحث دائمة عن أشكال فنيّة متغيّرة تغيّر الواقع ) وفي إطار هذه التجربة ظهر مشروع سعد الله ونوّس المسرحيّ عملا فنيّا وكتابة نقديّة من خلال تجربة "مسرح التسييس" ولئن استلهم المسرحيّ سعد الله ونوّس كثيرا من تقنيات المسرح الملحمي ورؤاه فإنّه استحضر كذلك أشكالا تراثيّة استمدّها من المروث التاريخي والشعبي ومن ذلك شخصيّة الحكواتي وأحداث المغامرة التاريخيّة في مسرحيّة "مغامرة رأس المملوك جابر" ويمثّل هذا النصّ مدخلا استهلاليّا لا يؤطّر الحكاية فقط وإنّما يشير إلى ذلك التداخل بين الفضائين :فضاء العرض وفضاء الجمهور وبذلك تتحوّل المسرحيّة إلى حكايتين حكاية أولى ( فضاء المقهى والزبائن) وحكاية ثانية تعود إلى التاريخ وأحداثه ومن خلال عمليّة التناوب تمكّن سعد الله ونوّس من تشريك المتفرّج وإذالة تلك الحدود الفاصلة بين المساحتين على نحو من المساهمة الفعلية والعقليّة.

الموضوع: انتظار الزبائن لقدوم الحكواتي "العم مؤنس".

المقاطع: ينقسم النصّ إلى مقطعين (ثنائيّة الغياب والحضور).

1-   من بداية النصّ                   س 46: الغياب.

2-   بقيّة النصّ : الحضور.

 

الأساليب

المضامين

1- المقهى فضاء مسرحيّا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الزّمان الركحي: الليل.

 

البناء الدرامي للشخصيّات:

* الزّبائن:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أبو إبراهيم:

 

 

الخادم:

 

الحكواتي:

 

 

 

 

 

 

عبارة "العمّ مونس"

 

 

العلاقات بين الشخصيّات:

أ- الزبائن


ب- الزبائن /أبو إبراهيم:

 

ج- الزبائن/ الحكواتي:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخطاب المسرحي:

 

الحوار:

أ- أصنافه.

 

ب- لغته

 

ج- سجلاّت الحوار:

 

 

 

 

 


الإشارات الركحيّة:

أ- موقعها.

 

 

ب- وظائف الإشارات الركحيّة:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التأليف:

الملامح الفنيّة لمسرح التسييس

 

 

 

 

 

 

 

 

 

- المكان في النصّ المسرحي مكانان :مكان ركحيّ (هنا) ويشير إلى مكان العرض المسرحيّ ومكان درامي حكائيّ تختلف إحالاته المرجعيّة والزمانيّة ..وفي التقاليد المسرحيّة الغربيّة منذ المسرح الإغريقي إلى حدود تجربة المسرح الملحمي كان الفضاء الركحيّ مكانا معلوما له هندسته ونظامه وهو بذلك فضاء رسميّ (المسرح) وفي المسرح الملحمي أضحى المكان جزءا من تقنيات التغريب فهو فضاء متحرّك ومتغيّر وشعبي ويمثّل فضاء المقهى في مسرحيّة "مغامرة رأس المملوك جابر" اختيارا فنيّا مناسبا لرؤية سعد الله ونّوس الفنيّة والفكريّة "يمكن تقديم هذه المسرحيّة في أي مكان وفي أي مساحة أنا أضعها الآن في مقهى ولكن يمكن تقديمها في أي مكان ..".

- يحقّق اختيار المقهى فضاء مسرحيّا بعدين:

* كسر الحاجز بين المتفرّج والعرض لما في هذا الفضاء المكاني من تداخل وفوضى .

* يمثّل فضاء المقهى فضاء اجتماعيّا عامّا خارجا عن حضور المؤسسة الرسميّة (الدولة) باعتباره مؤسسة إشراف وتسيير ومراقبة كما يمثّل ملتقى لفئات اجتماعيّة مهمّشة وكادحة ومسحوقة ويمثّل هذا الفضاء المكانيّ انفتاحا على المجتمع وطبقاته العامّة والبسيطة كما يعبذر هذا الفضاء عن رؤية إيديولوجيّة وفكريّة تجسّدت في أعمال سعد الله ونّوس بعيد هزيمة 1967 حيث تغيّرت طبيعة المتلقّي من "المثقّف" أو " السياسيّ" إلى " الشعب" بكلّ فئاته البسيطة (يجمع مسرح التسييس بين المتعة كرؤية جمالية "الفرجة" وبين تعميق الوعي كرؤية إيديولوجيّة).

 

- هو زمن المسامرة في التراث الشعبي حيث يتحرّر الناس في أثقال واقعهم المعيشي ويخفون آمالهم وأحلامهم بين أستار الليل وستائر الرّكح .

 

- كانت شخصيّات الزبائن غائمة غير محدّدة الملامح والهويّات ولم تحضر في النصّ المسرحيّ أسماء أعلام وإنّما حضرت أرقاما وفي التنكير والترقيم تعميم يلغي السّمات المميّزة ويدفع بهذ التنوّع والكثرة ( خمسة زبائن) إلى بؤرة الشخصيّة الجماعيّة ويمكن أن نستفيد من هذا الاختيار الفني بعض الملاحظات:

* إنّ تنكير الشخصيّات وتغييب الهويّات يجعل منها أنموذجا إنسانيّا يمكن ملؤه بما يناسبه حسب تغيّر المكان أو الزّمان أو الطّبيعة الاجتماعيّة للمتفرّج وهذا ينسجم فنيّا مع تصوّر " المسرح الحيّ" الذي تتغيّر شروط عرضه حسب تغيّر بنية المكان والطبيعة الاجتماعيّة والفكريّة والثقافيّة للجمهور.

* حمّل سعد الله ونّوس شخصيّات المقهى (الزبائن) بأبعاد اجتماعيّة فالهويّة الأساسيّة غائبة والحاضر الأقوى هو الهويّة الاجتماعيّة (روّاد مقهى شعبي من فئات اجتماعيّة مهمّشة) وتتأكّد الهويّة الاجتماعيّة من خلال حوار الشخصيّات الذي عبّر عن معاناة الوقت وهموم الواقع والإحباط (والله نعيش لقلّة الموت..ومن منّا خال من الهمّ؟)

            تتشكّل العلاقة بين المكان (المقهى) والشخصيّات (الزبائن) من خلال الرغبة في الهروب من أزمات الواقع وهمومه ومعاناته..

- هو شخصيّة محكيّة على عكس بقيّة الشخصيّات (شخصيّة غائبة) غير أن استحضارها في ذلك المقام يحدّ من فاعليّة الفضاء المكاني المغلق ويلقي بالمشغل الاجتماعي خارج فضاء المقهى فالمقهى رغم انغلاقه هو امتداد لكلّ فضاءات الواقع المأزوم.

- هو شخصيّة متحرّكة في الفضاء المكاني وهو عنصر الترابط بين الزبائن من جهة والفضاء الركحي من جهة أخرى .

- كانت شخصيّة الحكواتي الأكثر تدقيقا وتخصيصا في مستوى بيان الصورة الجسديّة والنفسيّة ( رجل تجاوز الخمسين..ملامحه ممحوّة..عيناه جامدتا النظرة..) وانتقال الرّاوي من التنكير إلى التخصيص يؤكّد ميزة هذه الشخصيّة التي شكّلت في المسرحيّة تقنية من تقنيات الكتابة في المسرح الملحمي إذ تمثّل شخصيّة الحكواني شكلا فنيّا استلهمه سعد الله ونّوس من التراث الشرقيّ وهو شخصيّة واصلة جامعة بين فضاء المقهى وعوالمه وفضاء الحكاية وأحداثها .

- تجسّد شخصيّة الحكواتي الرّافد التاريخي الذي استوحى منه سعد الله ونّوس حكاياته وشخصيّاته كما تجسّد شخصيّة المثقّف الذي يعلّم الجمهور ويمتعه ويدفعه إلى تأمّل مصيره عبر تأمّل أحداث الحكاية أمّا ذلك الكتاب فرمز للتاريخ وأمّا صفة الحياد البارد فيمثّل مظهرا من مظاهر تعامل المثقّف مع التاريخ والتراث وهو تعامل موضوعي وعقلي يتجاوز ذلك التعامل الوجداني والانفعالي (الزبائن).

- تشير هذه العبارة " العمّ مونس" إلى مرجعيّتها الشعبيّة والاجتماعيّة (عبارة احترام وتوقير) أمّا عبارة "مونس" فدليل أنس وإمتاع (الإمتاع والمؤانسة) وبذلك يتحدّد فضاء المقهى باعتباره فضاء للألفة بين روّاده .

رغم التعدّد فإنّ شخصيّات الزبائن محكومة بعلاقات التواصل ( تواصل في المكان "المقهى" وتواصل في المشغل الاجتماعي " الشعور بالمعاناة" وتواصل في المشاعر " الانتظار")

-رغم ثنائيّة الغياب والحضور ظلّت العلاقة معبّرة عن تواصل وجداني محكوم بالتماثل الاجتماعي حيث جسّدت هذه الشخصية انفتاح فضاء المقهى ( فضاء مغلق) على فضاء الواقع (فضاء مفتوح)..

- تظلّ العلاقة بين الزبائن وشخصيّة الحكواتي محكومة بمظهرين :

* علاقة تواصل: يعبّر حضور الحكواتي في فضاء المقهى عن تواصل ظاهر محكوم برغبة الزبائن في الاستمتاع بحكاياته والهروب من جحيم الواقع وأزماته إلى نعيم الحكايا وإمتاعها فالحكواتي يشكّل ملاذا " نفسيّا" لشخصيّات مأزومة ومألومة.

* علاقة انفصال غير ظاهر: حيث امتنع الحكواتي عن تحقيق رغبة الزبائن في الاستماع لحكاية الظاهر بيبرس (خيبة الانتظار).

      ترمز خصيّة الحكواتي في مسرحيّة سعد الله ونّوس " مغامرة رأس المملوك جابر" للمثقّف (المعرفة) أمّا صفة الحياد البارد التي بالغ الرّاوي في تأكيدها فتعبّر عن رؤية سعد الله ونّوس للمثقف في علاقته بمسائل التراث والتاريخ من ناحية ومطالب الشعب والناس (الجمهور) من ناحية أخرى وقد حاول المسرحيّ سعد الله ونّوس القطع من صورة المثقّف " المزيّف" الذي يستجيب لرغبات النّاس عبر خداهم أو تزييف وعيهم (مثقّف الهزيمة) ولذلك كان إصرار الحكواتي (المثقّف) على تأجيل حكايات الانتصارات (الظاهر بيبرس) وسرد حكايات الهزائم والخيانات والمؤامرات إثارة لانتباه الجهور وإيقاظا مؤلما لوعيهم ودفعا لهو للتفكير في مشكلات الواقع المأزوم والمهزوم ومحاولة تغييره..فزمن النصر لم تتحقّق شروطه أو قواعده أو جمهوره..

       إنّ الإرجاء (تأجيل حكاية الظاهر بيبرس) محكوم لدي الحكواتي ظاهريّا بترتيب حكايات السيرة أمّا دلاليا فمحكوم بانعدام الشرط التاريخي والاجتماعي والسياسي والفكري لتقبّل فكرة الانتصار فالمجتمع العربي لم يكن حسب سعد الله ونّوس مهيّئا بعْدُ لحمل فكرة الانتصار والقدرة على التغيير وتجاوز مشكلات الواقع وانكساراته.

   يتكوّن الخطاب المسرحيّ من نصّين: نصّ رئيسّ وهو الحوار ونصّ ثانويّ وهو الإشارات الركحيّة . 

-كان الحوار في هذا النصّ مجموعة من المخاطبات المتماثلة في المدى والكميّة كما كان حوار مباشرا :

- كان حوارا ثنائيّا في بعض مواضع النصّ ثم استحال حوارا متعدّدا

- قام الحوار في النصّ على المراوحة بين التقريريّة والإنشائيّة فقد تعدّدت الأساليب الإنشائيّة مثل الاستفهام والأمر كما غلبت على بنيته التركيبية صيغ الحذف والاختزال وهو ما يكشف عن تسريع في نسق الحوار بما يوحي بحالة الانتظار والترقّب والفوضى.

- اعتمد سعد الله ونّوس المزج بين العبارة الفصيحة والعاميّة وهذا التداخل لا يعبّر عن رؤية فقط ولإنّما عبّر عن رؤية سعد الله ونّوس للمسرح الحيّ والشعبيّ الذي تقترن فيه اللغة والتعبير الخطابي بطبيعة الشخصيّة الاجتماعيّة والفكريّة وخطاب االشخصيّات بذلك إنّما هو وسيلة فنيّة تؤكّد حضور المتفرّج ومشاركته في صياغة العرض المسرحيّ وإنتاجه فيكون حوار الشخصيّات عفويّا وارتجاليّا ومتغيّرا بتغيّر الفضاء والجمهور.

          ساهم الحوار في الكشف عن المرجعيّة الاجتماعيّة للشخصيّات ( فئة مهمّشة وطبقة مسحوقة) كما كشف عن العوالم النفسيّة لها ( معاناة وترقّب) كما اضطلع الحوار بوظيفة تأطيريّة تتناسب من وضع الاستهلال في المسرحيّة. 

 

أغلب الإشارات الركحيّة كانت سابقة للحوار مقدّمة له بالإضافة إلى تواترها وكثافتها وهو ما يشير إلى السمات الفنيّة المميّزة للنصّ الافتتاحي (الاستهلالي) حيث تكتسب الإشارات الركحيّة ظيفة تأطيرية (تقديم المكان والزمان والشخصيّات والأحداث).

الوظيفة الركحيّة: الإشارة إلى عناصر الفضاء الركحي(المقاعد..النرجيلة..المذياع..ضوضاء المقهى).

* الوظيفة الإيقاعيّة: وترتبط بحركة الشخصيّات على الرّكح ( حركة الخادم في فضاء المقهى).

* الوظيفة الاستبطانيّة: فقد مكّنت الإشارات الركحيّة من التعرّف على الملامح النفسيّة للشخصيّات ( ثنائيّة الاضطراب والهدوء).

           تحدّد الإشارات الركحيّة في هذا النصّ مستويات ثلاثة:

1- المقهى فضاء مسرحيّا: وبذلك ترسم الإشارات الركحيّة المرجعيّة الاجتماعيّة للشخصيّات والفضاء المكاني (المقهى) .

2- الاضطراب والفوضى والانتظار: حيث كانت عناصر المكان ومؤثّراته الركحيّة مناقضة لمشاعر الشخصيّات وهو ما يؤكّد ذلك التناقض بين المكان والشخصيّات باعتباره مظهرا من مظاهر الاغتراب والاستلاب.

3- الحكواتي أو الشخصيّة الواصلة:تظلّ علاقة الحكواتي بفضاء المقهى محكومة برغبة الزبائن في متابعة الاستماع لحكاياته الممتعة وهي محكومة كذلك بالتناقض والاختلاف ( فوضى المكان/هدوء الحكواتي) وهو تناقض جوهري يتعلّق بالاختلاف عن الزبائن في فهم الواقع وآليات تغييره (الفعل /الانفعال).

 

- إنّ اختيار المقهى فضاء مسرحيّا تجاوز للمسرح التقليدي القديم (المسرح الأرسطي) شكلا فنيّا ومضمونا فكريّا وهو اختيار فنّي يستوعب كثيرا من رؤى سعد الله ونّوس المسرحيّة التي أجملها في تجربة "مسرح التسييس" فالمقهى فضاء شعبيّ وحي يحقّق الحميميّة والألفة ويساعد المتفرّج على أن يكون مشاركا فعّالا.

- الحكواتي: مرجعيّة تراثيّة ووظيفة تغريبيّة: كان الحكواتي في المسرحيّة شخصيّة واصلة تحقّق ذلك الربط ما بين عالم الزبائن وواقعهم وعالم الحكاية ومعانيها وهذا التوظيف الجمالي الفنيّ لشخصيّة الحكواتي كان سمة من سمات المسرح الملحمي وهو شخصيّة استوحى سعد الله ونوس ملامحها من التراث الشعبي الشرقيّ ( توظيف الموارد التراثيّة في تجربة مسرح التسييس).

- تكتسب شخصيّة الحكواتي أبعادا رمزيّة في المسرحيّة فهو صورة للمثقّف الذي يسعى إلى تغيير الواقع السياسي والاجتماعي عبر تجذير الوعي الشعبي بضرورة ذلك التغيير قصد تجاوز مشكلات الواقع وأزماته.

 

 

 

 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

  شعريّة النصّ الحماسي عند أبي تمام والمتنبّي وابن هانئ   ليست   الحماسة غرضا شعريا قائما بذاته ضمن أغراض الشعر العربي المعروفة   التقل...