الأحد، 22 مايو 2016

المؤتمر العاشر لحركة النهضة وثنيّة الفراق وطقوسيّة الوداع.



إنّ المبالغة في البعد الاستعراضي الذي تجلّى في المؤتمر العاشر لحزب حركة النهضة يخفى كثيرا من المخاوف التي أحكم العقل التنظيمي لحركة النهضة إخفاءها وهي الحركة التي عاشت عقودا من وجودها تنظيما سريّا وحركة محظورة تحسن التخفّي والمناورة.في ظلّ البهرج الاحتفالي المملوء أضواء كانت عمليّة طقوسيّة أشبه ما تكون باحتفال طقوسيّ وثنيّ يودّع من خلاله الناس موتاهم.في ظلّ هذا البعد الاحتفالي الطقوسي كانت حركة النهضة تودّع الفكرة المؤسسة والجوهر الحيّ الذي أبقاها حركة حيّة في نفوس أتباعها وأشياعها.كانت الفكرة الإسلاميّة التي استمدّت منها حركة النهضة مشروعيّة وجودها وقوّة حضورها وأكسبتها بعدا شعبيّا يقوى تناسبيّا مع مغالبة الدولة للدين ومحاربة مظاهر التديّن ومحاولة "التحديث القصري" المملوء "علمنة"التي تستحثّ الخطى نحو النموذج الفرنسي بعيدا عن هويّة الشعب وقيمه الدينيّة.
عاشت النهضة في وجدان النّاس حركة إسلاميّة وكذلك استعادها ناخبوها في أوّل انتخابات تشريعيّة بعد الثورة وكانت أسئلة النّاس في الحملة الانتخابيّة مليئة روحا إسلاميّة في قضايا المجتمع والتعليم والاقتصاد والثقافة والسياحة وكان المترّشحون للانتخابات يجيبون بالآية والحديث ونصوص السيرة وأخبار الصّحابة مع التأكيد على ضرورة المزاوجة بين العمق الإسلامي "للمشروع" الذي تتبناه حركة النهضة ومقتضيات الحداثة والحكم في الدولة المعاصرة..
إنّ هذا التحوّل المباغت تحوّل دفعت إليه النهضة دفعا بعد تجربة الحكم والانقلاب الدّموي في مصر والحرب الأهليّة في سوريا واليمن وليبيا ومحاصرة التجربة الإسلاميّة والحركات التي تتبنّى الفكرة الإسلاميّة في الأردن والكويت لذلك كانت مسالك الخروج غامضة ومراوغة في مستوى العبارة ومضامين الخطاب واعتماد عبارات "التخصّص" و"العمل المجتمعي" بعيدا عن "العمل السياسي" لا يلغي مزالق منهجيّة كثيرة لن يقدر قادة النّهضة على الإجابة عنها في ظلّ أسئلة حائرة تردّدت في قاعات المؤتمرات أثناء مناقشة اللّوائح.
البهرج الاحتفالي والمبالغة في طقوسيّة الفرجة وبناء مشهد تعبّدي في افتتاح المؤتمر شكل من أشكال تخدير الجمهور وإخفاء مداخل المتاهة وتعمية السبيل وانحرافات السير ..في افتتاح المؤتمر طقوسيّة ظاهرة تشبه إلى حدّ ما تلك الطقوس الاحتفاليّة التي تصاحب تقديم القرابين في المعابد الوثنيّة القديمة حيث يسعد الضحيّة كثيرا بمراسم الاحتفال قبل قتله.
الأضواء وهتافات "الجمهور" ووصلات الموسيقى كلّها عناصر لبناء مشهد فرجوي يتجاوز مجرّد استعراض القوةّ والتأكيد على وجود ميداني تسرّبت مخاوف انكفائه للقادة والأنصار .بل كان شكلا من أشكال التعبير "الاحتمائي" الذي تعبّر من خلاله المجموعات المستهدفة اثنيّا أو دينيّا عن حضورها القويّ وقدرتها على المواجهة.يدرك قادة النهضة والذين أشرفوا على هذا الافتتاح الاحتفالي مخاوف الاستهداف والرغبة التي تجتاح كثيرا من المكوّنات السياسيّة في إقصاء النهضة ولذلك كان هذا المشهد الاستعراضي الذي يشبه إلى حدّ كثير ما يصنعه جمهور الملاعب .
في احتفال رسميّ وفي المؤتمر العاشر للحركة يعلن القادة وبحضور المشيّعين والمودّعين عن إخراج "الروح" وقتل الفكرة المؤسسة والردّة عن الأصول الثابتة التي ميّزت الحركة سياسيّا وثقافيّا وتربويّا وفي خطاب متفلسف "سوفسطائي" يرثي القادة أفكارهم ومبادءهم لتبقى الحركة عارية فكريّا من غير لباس ولتستحيل حزبا سياسيّا كالماء تماما لا لون له ولا طعم ولكنّها سهلة الهضم والاحتواء تتشكّل حسب طبيعة الوعاء سعة وضيقا .
سيقولون كثيرا من الكلام البليغ وسيستعينون بمهارات الدّفاع والحجاج وسيذهبون في متاهات الغموض التي تبنيها العبارات ولكن حتما لن يقدروا على القول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
تتشابه الأحزاب جميعا في الرؤى الاقتصاديّة والثقافيّة فلا عبقريّة لكل حزب تميّزه بل إنّها كانت استنساخا بائسا للنظام السابق في خياراته وحلوله الاقتصاديّة ولم تكن ميزة حزب حركة النهضة في الطرح الاقتصادي أو غيره وإنّما كانت ميزة الحزب في ذلك العمق الديني والفكرة الإسلاميّة .الروح التي أبقت الحركة جسدا حيّا رغم سنين الظلم والقمع.
الحركة الآن بلا روح وبلا فكرة وبلا مشروع هي الآن لون مستنسخ من ألوان كثيرة بعضها منكور ومكروه وعمليّة "المحو الصّاخب" الذي مارسه قادتها في يوم الافتتاح للمؤتمر العاشر هي الفصل بين روح حيّة تحيا في وجدان النّاس وجسد سيبلى ويفنى كما بلى من قبله من أحزاب.

محمد المولدي الداودي.

الأربعاء، 11 مايو 2016

السّادة النوّاب وعقليّة "القبيلة"


كانت القبائل في الجاهليّة إذا نبغ فيها شاعر تقيم الأفراح أيّاما وشهورا لأنّ الشاعر هو الذي يذكر محامدهم ويمجّد أبطالهم ...وفي تونس الجمهوريّة استعاض النّاس والقبائل بالنوّاب عن الشعراء وصار النائب لسان قومه وقبيلته.
وفي تونس ما بعد الثورة لم تتغيّر البنية العميقة للشعب  وظلّ الناس يفكّرون خارج مفهوم الدولة ومؤسساتها وكان تفكيرهم ( السّاسة والنخب والإعلاميون ورجال الأعمال..) مرتبطا بالجهة ضمن تقسيم البلاد وجدانيّا إلى أحياز وأحواز..لقد رسّخ بورقيبة هذا المنهج السياسي الاقتصادي وضيّق حدود البلاد ( السّاحل والعاصمة..) وكذلك فعل ابن علي وظلّت المناطق الداخليّة صورة للتهميش والتفقير ..
عوّض بورقيبة العروشيّة ( الرّابطة الدمويّة وسلسلة النسب) بالجهويّة ( الرّابطة المكانيّة ) وكرّس في الوجدان التونسي وفي الفعل السياسي والإداري مجموعة من التناقضات وعلى امتداد الدولة الحديثة تعمّقت الفوارق وتحقّقت الفرقة بين أبناء البلد الواحد.
هذا الشكل من التفكير تسرّب إلى ممارسة النوّاب الذين كثيرا ما عبّروا في ممارساتهم عن رؤية ضيّقة تجمل عمل النائب في الدّفاع عن مدينته وقبيلته وعرشه ...
في القصرين لابدّ من الإقرار بهذا المنهج حيث يغيب اجتهاد النائب عن المعتمديّات التي لم تتمثّل في مجلس نوّاب الشعب ( القصرين 8 نوّاب من 13 معتمديّة) ويظلّ اهتمامهم معبّرا عن رؤية سياسيّة تحكمها شروط الانتخاب والتصويت ..
العيون سبيبة جدليان وغيرها ...معتمديّات تنتمي جغرافيّا إلى ولاية القصرين ولكنّها صورة عن التهميش المضاعف وطنيّا وجهويّا ولابدّ للسادة نوّاب الشعب عن دائرة القصرين من تأمّل الخارطة الجغرافيّة وقراءة المعطيات التنمويّة بعيون العدل لا عيون الانتماء الجهوي.
سبيبة المدينة التي لم يزرها السيّد الوالي في جلسة عمل خاصّة بالمسائل التنمويّة ومصحوبا بالمسؤولين الجهويين ..
سبيبة المدينة التي لم يزرها السّادة النوّاب في جلسة عمل يستمعون فيها لمشاغل مواطنيها...
ولذلك فالمرجوّ أن يعيد السادة النوّاب صياغة القوانين الانتخابيّة ليشمل التمثيل النيابي كلّ المعتمديّات (264 ).
وعلى أهل سبيبة التفكير خارج عقليّة الصّراع الزّائف ..عليهم التفكير في الجهة ...

محمد المولدي الداودي.

العائدون من الغياب

العائدون من الغياب

في ليلهم وطن
في صبحهم وطن
 وفي خطوهم أجل
في أعين الفجر يمضي حلم عودتهم للصغار
في الليلة السابقة وعدوهم ..أمانة الانتظار
ينتظر طفلهم ..تنتظر أمّهم...ينتهي سفر ومسار.
في غفوة الليل يجمع ظلمته للرحيل           
في غفوة الفجر يكتب تعداد يومه قبل استفاقة النائمين
ويحصي ثواني البزوغ..مشرئبّا لشمس النهار
...........
رصاصة أولى
 ..تذهب غفوة الأزمنة ..وتكتب أجل الرّاحلين
فتنشقّ من جرحه ذاكرة
ويبزغ في الفجر بعض الهيام
صبيّ يداعب شهوة الانتظار ...
أمّ تقبّله ...وداعا... رّجاء يلاحق خطوه في السبيل
زوجته من هناك ...بعيدا ..بعيدا تودّعه بالحياء
فيكتشف العشق في شفتين تقولان في الصمت كلّ الكلام.
رصاصة ثانية...
وردة ...يرسم دمه في التراب
يردّد لحن الصباح ...أغنية العائدين إلى وطن في طريق الغياب
شمس هناك...تكتب يومها في دورة دائمة
تغيب ظلال المكان ...وتنمو ملامح الطفل والأمّ في الوردة العائمة
ويحبو على الأرض صوت يراه صغيرا...صغيرا كدائرة في السّراب
يحنّ إلى أرضهم ...يحنّ إلى صوتهم.. يحنّ إلى وطن في الإياب.

محمد المولدي الداودي



الجمعة، 6 مايو 2016

سبيبة: الملائكة يتألّمون.. الصمت ..وجع الصّرخة


سبيبة: الملائكة يتألّمون..
الصمت ..وجع الصّرخة



في السّاحة الخارجيّة لمعتمديّة سبيبة أحاطها جمع من الزائرين والمعتصمين من المعطّلين عن العمل وسألوا الأمّ سؤال الشفقة والتعاطف وأجابت جواب الشكوى والانكسار.
كانت تحمله بين يديها قطعة من القلب والوجع ..كانت تحدّث عن أوجاعه بلسان الأمّ تقتلها الصّرخة وقلّة ذات اليد.وكنّا نسمع ..
صغيرا كان ..لم يعرف من الكلام غير الصرخة الأولى ..لم يعرف ضوء الشمس ..لم يعرف وجه الأمّ ولا وجه الأب ..
صغيرا كان...وصغيرة أمانيه..
سعيدة إحدى مواطنات عين الخمايسيّة القرية التي ألقتها جغرافيا الوطن في معتمديّة سبيبة من  ولاية القصرين تعيش يومها ككل النّاس في هذه الأرض بحثا عن رزق هارب ..حدّثت عن ابنها الذي نزل الأرض عليلا لا يطيق حركة ولا يقدر على كلام...سافرت به كلّ مكان وسفر معها حلم الشّفاء حتّى أعجزها الجهد وأتعبها التردّد على المستشفيات وعيل الصّبر وقلّت الحيلة ...
حدّثها بعض الأطبّاء أنّ خطأ طبيّا منذ الولادة هو ما أصاب وليدها وذهب بقدرته على كلّ شيء ...وحدّثها بعض الأطبّاء أنّ ما يحتاجه الوليد هو عمليّة جراحيّة غالية التكلفة ...غالية القيمة بمقدار حلم يعيد لطفل شعورا إنسانيّا بالحياة.
في هذا اليوم حدّثتنا حديت الحلم ممزوجا بغصّة الأوجاع وأرتنا بعضا من تقارير طبيّة ووصفات لأدوية تتعرّج خطوطها تعرّج حياة الصبيّ وآلامه.
ثمن الأدوية يساوي كثيرا من جهد الأب وأيّامه القاسية ...ثمانون دينارا قالت ..وخمسين دينارا أضافت...
سألناها: ونحن أعجز ما نكون عن السّؤال وقد جفّت الكلمات .. ونسي المعتصمون من المعطّلين عن العمل أوجاعهم وخفّ على الزائرين لهذا المقرّ حمل المطلب وثقل الحاجة..وقالت ..أطالب بإجراء عمليّة جراحيّة ..أطالب برعاية طبيّة..أطالب بتدخّل من يقدر على المساعدة..
الحياة أحيانا أصغر من دمعة أمّ تحتضن ابنا مريضا...

محمد المولدي الداودي


سبيبة: حملة"وينو المعشّب" تثمر اجتماعا مع الوالي في انتظار الشروع في الإنجاز.

سبيبة:
حملة"وينو المعشّب" تثمر اجتماعا مع الوالي في انتظار الشروع في الإنجاز.
أطلق نشطاء في في العمل الجمعيّاتي حملة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" حملة "وينو المعشّب" وذلك لإثارة انتباه المسؤولين المحليين والجهويين حول تعطّل مشروع تعشيب الملعب البلدي بسبيبة وهو مشروع مبرمج منذ سنة 2011 .وقد لقيت هذه الحملة تفاعلا كبيرا في أوساط الشباب الذي دعا غلى تحرّكات احتجاجيّة تدفع في اتّجاه التسريع في إنجاز هذا المشروع الضروري والحيويّ بالنسبة لشباب الجهة .
كثيرون هم الذين يستهويهم الملعب البلدي من الأطفال والشباب والجمعيّات الرياضيّة وخاصّة جمعيّة النجاح الرياضي بسبيبة التي تتصدّر الترتيب متقدّمة على الفريق الثاني بأربع نقاط..
ورغم الأصداء الإيجابيّة لجلسة هذا اليوم 05/05/2016 والوعود بالتسريع في إنجاز مشروع تعشيب الملعب البلدي تتواصل الحملة دون أن تغفل مواضع أخرى في ملفّ الجمعيّة الرياضيّة ومنها ملفّ الديون والصعوبات الماليّة ...










  شعريّة النصّ الحماسي عند أبي تمام والمتنبّي وابن هانئ   ليست   الحماسة غرضا شعريا قائما بذاته ضمن أغراض الشعر العربي المعروفة   التقل...