السّادة النوّاب وعقليّة
"القبيلة"
كانت القبائل في الجاهليّة
إذا نبغ فيها شاعر تقيم الأفراح أيّاما وشهورا لأنّ الشاعر هو الذي يذكر محامدهم
ويمجّد أبطالهم ...وفي تونس الجمهوريّة استعاض النّاس والقبائل بالنوّاب عن
الشعراء وصار النائب لسان قومه وقبيلته.
وفي تونس ما بعد الثورة لم
تتغيّر البنية العميقة للشعب وظلّ الناس
يفكّرون خارج مفهوم الدولة ومؤسساتها وكان تفكيرهم ( السّاسة والنخب والإعلاميون
ورجال الأعمال..) مرتبطا بالجهة ضمن تقسيم البلاد وجدانيّا إلى أحياز وأحواز..لقد رسّخ
بورقيبة هذا المنهج السياسي الاقتصادي وضيّق حدود البلاد ( السّاحل والعاصمة..)
وكذلك فعل ابن علي وظلّت المناطق الداخليّة صورة للتهميش والتفقير ..
عوّض بورقيبة العروشيّة (
الرّابطة الدمويّة وسلسلة النسب) بالجهويّة ( الرّابطة المكانيّة ) وكرّس في
الوجدان التونسي وفي الفعل السياسي والإداري مجموعة من التناقضات وعلى امتداد
الدولة الحديثة تعمّقت الفوارق وتحقّقت الفرقة بين أبناء البلد الواحد.
هذا الشكل من التفكير
تسرّب إلى ممارسة النوّاب الذين كثيرا ما عبّروا في ممارساتهم عن رؤية ضيّقة تجمل
عمل النائب في الدّفاع عن مدينته وقبيلته وعرشه ...
في القصرين لابدّ من
الإقرار بهذا المنهج حيث يغيب اجتهاد النائب عن المعتمديّات التي لم تتمثّل في
مجلس نوّاب الشعب ( القصرين 8 نوّاب من 13 معتمديّة) ويظلّ اهتمامهم معبّرا عن
رؤية سياسيّة تحكمها شروط الانتخاب والتصويت ..
العيون سبيبة جدليان
وغيرها ...معتمديّات تنتمي جغرافيّا إلى ولاية القصرين ولكنّها صورة عن التهميش
المضاعف وطنيّا وجهويّا ولابدّ للسادة نوّاب الشعب عن دائرة القصرين من تأمّل
الخارطة الجغرافيّة وقراءة المعطيات التنمويّة بعيون العدل لا عيون الانتماء
الجهوي.
سبيبة المدينة التي لم
يزرها السيّد الوالي في جلسة عمل خاصّة بالمسائل التنمويّة ومصحوبا بالمسؤولين
الجهويين ..
سبيبة المدينة التي لم
يزرها السّادة النوّاب في جلسة عمل يستمعون فيها لمشاغل مواطنيها...
ولذلك فالمرجوّ أن يعيد
السادة النوّاب صياغة القوانين الانتخابيّة ليشمل التمثيل النيابي كلّ المعتمديّات
(264 ).
وعلى أهل سبيبة التفكير
خارج عقليّة الصّراع الزّائف ..عليهم التفكير في الجهة ...
محمد المولدي الداودي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق