السبت، 22 أكتوبر 2016
لماذا تستهدف كلّ أجهزة الدولة تجربة جمنة؟
جمنة هي كل ما تبقى من ثورة مغدورة ومهزومة وهي آخر ما تبقى من ذاكرة وطنية امتدت أحلام التحرير فيها بدءا بزمن الاستعمار وانتهاء بزمن الفساد والاستبداد.
الجمعة، 30 سبتمبر 2016
القصرين: الموت قهرا
القصرين: الموت قهرا
حدّثني مرافقي في رحلة
المائة كلمتر إلى مركز ولاية القصرين قال.
ولدت على عجل عليلا وكنت
أكبر الأطفال وأكثرهم دلالا ..ولعلّ علّتي قرّبت حبل مودّتي من والديّ وكبرت
كأبطال الخرافات ترعاني آمال عائلتي وكنت حلمهم قاسيا وجميلا ..الجسد العليل ينمو
كزهرة بريّة ولكنّه يؤكّد في علّته نبوغا أدركته أمّ تقرأ جيّدا خفايا العقول..
دخلت المدرسة على عجل
كولادتي فقد دخلتها في سنّ الخامسة حيث بنى الأهل مدرسة من حجارة أرضهم وقليل
جيوبهم وعسير جبينهم وسنينهم وكنّا قليلا من صبية استقدمنا الأهل من مواضع لهونا وكتّاب
نهوي إليه نتلّهف القراءة لهفة الظمآن يبتغي الارتواء.
ننام على أحاديث الجدّات تسير
بنا في مسارب الخيال وترسم في وجداننا الغضّ عوالم سحريّة فسيحة وفي الصبح نندفع
نحو المدرسة نشرب النّصوص ونأكلها أكل النهم لا يشبع...
كان مرافقي يحدّثني حديث
الوجع يريد أن ينفذ من كل جرح وكنت أحيانا أنشغل عن حديثة بالردّ على مكالمة أو
بالعبث بهاتفي وكنت أرى في عينه وجعا خفيا لا تقدر الكلمات على وصفه..سارت بنا
الطريق وسار صاحبي في متاهة الذكريات..قال
كنّا على يقين أنّ الاخفاق
في الدراسة يساوي انقطاعا عنها فلا مجال للرسوب ..وكنّا نرى في فقرنا الظاهر دافعا
قويا للنجاح وتلك معادلة الأهل في القرى المحرومة في ولاية القصرين.
قال : في سنوات الجامعة
اقتحمنا المدن الكبيرة وكانت تسكننا القرى نحملها في شوارع العاصمة ..وكانت تتبعنا
دعوات الأمّهات وهنّ يهرقن بعضا من ماء خلف خطواتنا حين نفتح أبواب الرحيل..
أتممت الدراسة يلاحقني
الفقر فأسبقه بالنجاح واشتدّ في وجداني عواء الحلم فاتبعته وأردت اختراق محظور
البلاد وسجّلت في المرحلة الثالثة على عسر من أهلي وضيق ولكنّه غواية الأحلام في
بلد الهزائم..
قال : لم استطع تسديد
القسط الثاني من معاليم الترسيم وكانت الامتحانات رهان الإدارة في إرغام الطلبة
على الدفع مكرهين..دخلت القاعة أريد الامتحان وكان أن نادي صوت في أوّل الفصل يطلب
وثيقة التسديد واقتربت خطواته مني واشتدّ وجيف الصدر يريد أن ينطق ..رفعت بصري
أجيب عن السؤال ولم أشأ البكاء هيبة رجولة حملتها من قرية قاسية..حملت قلمي وبعضا
من كبرياء مجروح..خطواتي سريعة في الرّواق..وأنفاسي المحمومة تخطّ سطور الجحيم..
في المحطّة كان
الفراق..المدن الكبرى لا تحتمل أحلام القرى الصغيرة..ودّعته ..ثمّ أسرعت نحو سيارة
تاكسي..وفي الطريق لا أزال أسمع عواء موجعا يقتل فيّ وطنا بحجم الجرح والجوع.
محمد المولدي الداودي
الأربعاء، 24 أغسطس 2016
الثلاثاء، 9 أغسطس 2016
تراجيديا النهاية وغوغائيّة التشكيل.
تراجيديا النهاية
وغوغائيّة التشكيل.
حاول الحبيب الصيد هذا
اليوم 30/07/2016 الانتقال من صورة المصارع Gladiateur في المسارح الرومانيّة القديمة
المحكوم بقواعد اللعبة والفرجة والمدفوع نحو النهاية القاسية إلى صورة البطل
التراجيدي الذي يختار نهايته الفاجعة وفي اختيار النهاية تحتمل النهاية رسما من
المجد ويكتسب البطل المغدور شيئا من التعاطف ويمارس الجمهور بعضا من مظاهر التطهير
عبر مأساويّة النهاية..
لم يكن مجلس نوّاب الشعب
هذا اليوم إلاّ مسرحا تمتزج فيه الفنون الهزلي السّاخر والتراجيدي القاتم ولم تكن
كلّ العناصر المشاركة في الاجتماع إلا عناصر فنيّة تؤكّد ذلك الميل إلى الفعل
المسرحي..
نوّاب الشعب هذا اليوم جزء
من مشهد تمثيلي يفتح هذه المسرحيّة على بعد ملحمي واضح فهم جزء من الجمهور ولكنّهم
ممثلون يقتحمون فضاء المسرحيّة عبر مداخلات تؤكّد سرديّة الخطاب المسرحي...
التناقض المطلق بين خطاب
النوّاب وما أنجزوه من سحب للثقة أثناء التصويت ورفض التجديد لرئيس الحكومة هو
مساحة وعي يستعيد من خلالها المواطن مرارة الواقع فينشأ سؤال السياسة وقيمها والصدق
ومقاماته في تونس.
في نهاية الجلسة ينشأ سؤال
الوطن ومخاوفه ..وتتجلّى علامات النفاق السياسي وتتبدّى مظاهر المخاتلة والمناورة
وينساق الجميع في مسار مجنون يقول القول ونقيضه في آن..يغيب المنطق في هذا اليوم
وتتشكّل ملامح لشخصيّات جوفاء بلا موقف ولا رؤية أطلقت عليهم الصدفة لفظ نوّاب
الشعب.
ما حدث اليوم في باردو
يرسم حدودا سوداء لواقع تونسي كشفت الثورة خواء كلّ عناصره...وفي فلسفته وحكمته
يتبدّى الفعل السياسي في تونس مزيجا من الانتهازيّة والغوغائيّة والقطيعيّة
المدفوعة بمبدأ الانضباط الحزبي...
في مجلس النوّاب الكلّ
حاضر ويغيب وطن مساحته مشاعر من القهر والظلم.
محمد المولدي الداودي
هل حقّا فشلت المحاولة الانقلابية في تركيا؟
تركيا: تعليق المحاولة
الانقلابيّة
هل حقّا فشلت المحاولة
الانقلابية في تركيا؟
الأحداث التي تبعت
المحاولة الانقلابيّة في تركيا تؤكّد جديّة المحاولة وشموليّتها خارجيّا وداخليّا
ويبدو أنّ دولا كثيرة كانت تدرك خفايا المحاولة كما أنّ حملة الاعتقالات التي شملت
كثيرا من أجهزة مؤثّرة ومختلفة في الدولة تؤكّد أن الأمر كان قاب قوسين أو أكثر من
النجاح.
لم تكن الأجهزة
العسكريّة(الجيش) وشبه العسكريّة ( الأمنيّة) وجهاز المخابرات على قلب رجل واحد
وهذا هو العامل الموضوعي الذي أفشل إلى حدّ بعيد المحاولة الانقلابيّة كذلك المواقف
المشرّفة للمعارضة التركيّة التي أجّلت الخصومة السياسيّة وأدركت مخاطر الحكم
العسكري الذي خبره الشعب التركي مرارا. كما أن الخروج الجماهيري الكبير في
الميادين والساحات رغم حظر التجوّل وبعيد كلمة الرئيس أردوغان كان عاملا مؤثّرا
أربك كثيرا من حسابات الانقلابيين وذهب بكثير من فاعليّة المباغتة التي اعتمدها
الانقلابيون في المحاولة..باغتت الجماهير التي احتلت الميادين والساحات انقلابيي
الجيش وأفقدتهم الحاضنة الشعبية التي يحتاجونها وتحوّلت العمليّة إلى صراع درامي
بين نزعتين وإرادتين ثمّ بدأت ملامح الفشل ظاهرة بيّنة بدءا بالارتجاليّة الغالبة
على قرارات الانقلابيين بعد توالي صور اعتقالهم في الفضائيّات..
الردود الدوليّة المتحرّكة
وفق تحوّلات المشهد التركي في تلك الليلة تؤكّد ملامح التآمر غربيّا واقليميا ولم
تتضح مواقف الغرب من المحاولة إلاّ بعد حسمها في شوارع أنقرة واسطنبول وحين التيقن
من فشلها نهائيّا...استراتيجيّة الغرب الداعمة للانقلابات هي الصمت وهذا ما خبرناه
في الانقلاب العسكري في مصر وما شاهدناه في المحاولة الانقلابيّة في تركيا.
تمكّن أردوغان وحزبه من
بعض مؤسسات الحكم في تركيا كجهاز المخابرات والمؤسسة الأمنيّة ولكنّ الجيش والقضاء
لا يزال بعيدا عن الانسجام الكلي مع سياسات أردوغان أو تجربته في الحكم وحجم
الاعتقالات في صفوف الجيش والقضاء يؤكّد أنّ الجيش كان كله تقريبا مع المحاولة.
فشل المحاولة لا يبدو
مطلقا وإنّما المحاولة مؤجّلة إلى حين والأيّام القادمة صعبة وحاسمة بالنسبة
لأردوقان وخياراته وسياساته والتعويل الكليّ على الإرادة الشعبيّة لا يبدو كافيا مع
نزعة انقلابيّة ظاهرة ومدعومة خارجيّا.
على الحكومة التركيّة
وأردوغان حسن السير في حقل من الألغام وعليهم تقوية العوامل التي ساهمت في إفشاله
ومنها تحويل المعارضة التركيّة التي عبّرت وبلا تردّد عن تحيّزها للخيار الشعبي
والإرادة الشعبيّة عبر الانتقال من خطاب الخصومة السياسيّة إلى خطاب المشاركة
الفعليّة في خيارات الحكم والسياسة ولابدّ من العودة بالسياسة التركيّة إلى
الدّاخل التركي كالشّأن التنموي وغيره من اهتمامات المواطن التركي الذي كان نزوله
للساحات ليلة المحاولة الانقلابيّة تعبيرا صادقا عن نجاحات اقتصاديّة هي كلّ رصيد
أردوقان في فترات حكمه وفي ظلّ هذه العودة إلى الداخل التركي لابدّ من مراجعة
السياسة الخارجيّة التركيّة وفق مبدأ المصلحة القوميّة التركيّة وبعيدا عن دوائر
تحالفات متناقضة وغير مستقرّة ..
تظلّ المؤسسة العسكريّة
هاجسا مرعبا في تركيّا إذ تكشف المحاولة الانقلابيّة الأخيرة أنها لا تزال تفكّر
بتلك النزعة الانقلابيّة التي احترفتها كآليّة من آليّات التغيير ورغم النجاح
النسبي في تحييد بعض القطاعات العسكريّة فإنّ هذه المؤسسة لا تزال بعيدة عن تناول
أردوغان أو حكوماته المتعاقبة والحديث عن عمليّة تطهير ذاتي صلب المؤسسة العسكرية
يبدو صعبا ويحتاج إلى كثير من الوقت ولذلك على أردوقان والحكومة التركيّة تقوية
المؤسسة شبه العسكريّة إلى حين تطهير مؤسسة الجيش.
لابدّ من تقوية الحياة
المدنيّة وتوسعة فضاء الحقوق والحريّات وخلق حاضنة شعبيّة من غير المحضن الإسلامي
ولابدّ من استخلاص العبرة والحكمة من محاولة يبدو وصفها "بالفاشلة"
نسبيّا إلى حين.
العقيدة العسكريّة تدفع
بالعسكري إلى خوض المعركة إلى النهاية وانكشاف كثير من خيوط المؤامرة سيدفع بكثير
ممن دعموا الانقلاب سرّا إلى دعمه جهرا وبقوّة.. ونرجو من الله العليّ القدير أن
يحفظ تركيا وشعبها.
محمد المولدي الداودي.
تونس
السبت، 4 يونيو 2016
ما بعد
الصنم: سؤال الحقيقة والتاريخ ( أوهام الحداثة وزيف الجمهوريّة).
ارتفع تمثال بورقيبة وسط
شارع " الثورة" بتكلفة قاربت 700 مليونا وهلّل كثير وترحّم مبغضوه
بمقدار ما يحتاجه المقام السياسي غير أنّ عودة التمثال ,في شارع عدّه كثير من
التونسيين رمزا لفعل ثوري, أعادت إلى التونسيين حقبة من التاريخ أخفاها غمام
الدعاية وأوهام الزعامة.
بورقيبة "الرمز"
الذي استعاد هذه الهالة من "الرمزيّة عبر عودة التمثال الذي رفعته نفس
الأيادي التي أعادته اليوم ليعبّر ضمن
ثنائيّة إزالته ثمّ إقامته عن مدارات التاريخ التونسي المعاصر وتحوّلاته
وانقلاباته.
الذين أعادوا التمثال (
الصورة الجامدة) لم يقدروا على استعادة بورقيبة الفكرة والرؤية وعبّروا في شكل
طقوسيّ وثني عن اسحضار الرّوح الميتة عبر الصنم ..هكذا فعل الفراعنة حين حنّطوا
حكّامهم وكذلك فعل مشركو العرب حين استعاضوا عن فكرة الإله المجرّدة بصورة مجسّدة
تشكّلت أصناما تعبد من دون الله. المرور من المرجع إلى الفكرة عبر العلامة
الرمزيّة يحتاج قدرة تأويليّة لا تتماثل في نتائجها الدلاليّة عند كلّ النّاس.
فبورقيبة الانسان والرّئيس الذي حكم البلاد التونسيّة لمدّة 30 سنة و أحياه البعض
عبر تلك العلامة الرمزيّة (التمثال) ليس واحدا في وجدان وتفكير كلّ التونسيين.ولذلك
يختلف الفعل الطقوسي المحيط بهذه العلامة الرمزيّة ( التمثال) باختلاف معتقدات
التونسيين وأفكارهم وترابطهم الوجداني الذي يتجلّى حالما يتجلّى التمثال في شارع
الثورة تماما كالأفعال الطقوسيّة في الديانات القديمة.تمثال بورقيبة الذي ينتصب في
نهاية شارع الثورة قد يطوف به أنصاره مهللّين بحمده ذاكرين له فضله ومذكّرين
الغافلين من النّاس بأمجاده وأفعاله..أمّا الآخرون فقد يزورنه زيارة اللاّعنين
فيرجمونه كما ترجم الشياطين..بورقيبة ليس واحدا في وجدان التونسيين ولا في أفكارهم
..بورقيبة مزيج متناقض من الحقائق وهو إلى حدّ ما صناعة أحسن صانعوها تسويقها..
حقائق التاريخ التي أغفلها
"المؤرّخون" عمدا وأسقطوها من الذّاكرة التونسيّة غصبا وقهرا لا تزال في
ذاكرة الأحياء ممن عرفوا بورقيبة وعاصروه وشهاداتهم تحكي ملمحا قاسيا لم يقدر
النّحّات إلى إظهاره في صورة التمثال..أسقط النحّات من مشهد التمثال ( الفارس
والجواد) ما يدوسه الجواد من مواطنين سحقتهم سنوات القهر زمن حكم بورقيبة..
كان بورقيبة حاكما طاغية
لا يختلف في صورته عمّن عاصروه من طغاة الشرق والغرب مستبدّا برأيه لا يرى في شعبه
إلا بعضا من رعاع فرّقتهم القبائل فوحّد بينهم ...في أسطورة بناء الدولة كان
بورقيبة زعيما ملهما مخالفا لزمانه وفي كلّ كلماته وخطاباته كان بورقيبة هو الدولة
والدولة هي الزّعيم ..هكذا كتب التاريخ وهكذا حفظه روّاد المدارس والمعاهد من
تلاميذ وهكذا نطقت الإذاعات وكتبت الصحف..
بورقيبة " الرجل
المدفوع بهوس الزّعامة" المجاهد الأكبر والزّعيم الأوحد لم يؤسس لفضاء تعدّدي
تختلف فيه المواقف والاجتهادات فقوله فصل وأحكامه محكمات لا تقبل التأويل..يتلوها
وزارؤه تلاوة المتعبّدين ولا معقّب لكلماته..فأرسى بها المنحى من الحكم توجّها
شموليّا استبداديّا لا تزال معالمه ظاهرة في الفعل السياسي التونسي بعد الثورة..في
التاريخ الإنساني يسعى الطغاة إلى طمس آثار من قبلهم من الأمم أو المفكّرين
والسياسيين والمثقفين ..وهكذا فعل بورقيبة حيث عمد إلى طمس كلّ ما أنتجه التاريخ
التونسي الحديث من مفكّرين ومصلحين ..في تاريخ بورقيبة علامات مضيئة أضحت باهتة
خفيّة ولا تكاد تظفر بأسماء لزعماء الحركة الوطنيّة في المقرّرات التربويّة أو
غيرها فقط يمتدّ اسم " الزّعيم" على كل فضاء أدبي أو إعلامي أو ثقافي أو
سياسي.
في التاريخ التونسي أرسى
بورقيبة دعائم النظام الجمهوري ولكنّه في حقائق التاريخ ( التي لا يكتبها
المؤرخون) امتدّ حكمه أكثر من البايات الذين ألغى حكمهم وجمع كلّ السلط بيديه وصار
حاكما بأمره لا بأمر الشعب وأرسى في النظام التونسي المعاصر محنة الحكم مدى الحياة
ككل الطغاة المستبدين..
في التاريخ التونسي الحديث
أوهام وخرافات ومن أشدّ خرافاته "الزّعيم بورقيبة" باني الدولة الحديثة
ومحرّر المرأة وتلغي هذه "التشريفات والألقاب والتسميات" أسماء كثيرة
ساهمت بدمها وقلمها في مسألة التحديث بدءا بمفكّري الإصلاح وانتهاء برجال الحركة
الوطنيّة..كان بورقيبة يرفض كلّ مثيل أو شبيه بل إنّه يقتل ظلّه حتى يستفرد
بالوجود..ولذلك صمت عن اغتيال فرحات حشّاد وتخلّص من صالح بن يوسف وقاتل أتباعه
وشرّدهم في الآفاق والمنافي..لم يكن بورقيبة رجل دولة بقدر ما كان رجل سطوة الدولة
وقهرها..
خرافة الجمهوريّة أنتجت
حكما شموليا بالغ بورقيبة في احتكاره وخرافة تحرير المرأة ألغت مجهودات المصلحين
من قبله وحوّلت هذا الأمر إلى شعار سياسي يفتقد مضمونا حقيقيّا في مناطق الدّاخل
التونسي والجنوب وخرافة الدولة الحديثة التي ألغت "القبليّة "
و"العروشيّة" عمّقت "جهويّة بغيضة" رسمت مسارات التنمية على
مدى ستين عاما فيها ظلم وحيف وتهميش..
الذين أعادوا
"التمثال" أغفلوا ركنا أساسيّا من أركان لوحة الحقيقة فلابدّ من تمثال
يناظره في نفس الشارع لضحاياه وهم كثير..فلابدّ للجلاد من ضحيّة حتى تكتمل سطوته
..ولابدّ للعين من دمع حتى تكتمل حقيقتها..
تمثال بورقيبة صورة جوفاء
لخرافة ميّتة حتما ستهوي كلّما استعاد شارع الثورة هدير الجماهير "إذا الشعب
يوما أراد الحياة".
محمد المولدي الداودي.
تونس
الصعود إلى الجنّة
في رثاء نساء جبل سمّامة.
استفقن مع الفجر...نور
الفجر الخافت يرسم معالم الطريق ويعلن بداية يوم آخر من أيّام الكدح في ثنايا
الأرض والقسوة..أديّن فريضة الصلاة فجرا وصبحا وركعتين للفلاح..
قبّلن صغارا ينتشرن في ركن
البيت الصغير ..واحتضن فيهم حلما صغيرا ..لعلّه يكبر يوما..
ثنايا الجبل تحصي خطواتهنّ
..متعبة كانت ولكنّها صلبة واثقة..والصخر يحيّ أكفّ أرجلهنّ نصف الحافية..ولكنّها
صامدة..
صعدن الجبل ومعهنّ بعض من
دواب يحملن ثقل المعاناة وقليلا من نبات الأرض يجمعنه يوما لقوت يومهنّ ..إكليل
الجبل والزعتر يملأ لهنّ رزق يومهنّ ويكفي بعضا من حاجة..
ثلاث من نسوة الأرض
المنسيّة في جبل سمّامة جمع بينهنّ الفقر
وجمعت بينهنّ جيرة ومعاناة..في هذه الأرض لن تكون غير خبر تتناقلة وسائل الإعلام
ولن تكون إلاّ جنازة يزورها كبار المسؤولين قبل أن توارى ثرى أرض نسيها الساسة
وسقطت سهوا من ذاكرة الوطن وظلّت زائدة في جغرافيا البلاد ترجو أن تتخلّص منها ..
ثلاث من نسوة الأرض
المنسيّة فإن سألوك عن خبرهنّ فقل...
كنّ يسابقن ضوء الصبح أملا
في العودة سريعا إلى البيت فلهنّ فيه مآرب أخرى وكنّ يسابقن استفاقة الصغار فيقبلن
أبناءهنّ ...
في الأيدي جراح رسمتها
آثار انتزاع الإكليل والزعتر وخطّت في جسد النسوة خطوطا تحمل ألما وثباتا وفي
الخطو تعداد للعمر الذي أمضته سنون الفقر الكافر وفي الأفق ينتصب جبل وصخر وغدر...
الطريق تعرفهنّ وكذلك
نباتها وفي هذا اليوم شيء من سكون قاتل أخفى موتا مؤجّلا في كلّ يوم...
في ثنايا غريبة في علوّ من
جبل تسكنه أشباح قاتلة تزرع الموت ...ترتفع أرواح كادحة ..لم تحمل من وطنها غير
رائحة الزعتر وبعضا من بارود غادر..
محمد المولدي الداودي
الأحد، 22 مايو 2016
المؤتمر العاشر لحركة
النهضة وثنيّة الفراق وطقوسيّة الوداع.
إنّ المبالغة في البعد
الاستعراضي الذي تجلّى في المؤتمر العاشر لحزب حركة النهضة يخفى كثيرا من المخاوف
التي أحكم العقل التنظيمي لحركة النهضة إخفاءها وهي الحركة التي عاشت عقودا من
وجودها تنظيما سريّا وحركة محظورة تحسن التخفّي والمناورة.في ظلّ البهرج الاحتفالي
المملوء أضواء كانت عمليّة طقوسيّة أشبه ما تكون باحتفال طقوسيّ وثنيّ يودّع من
خلاله الناس موتاهم.في ظلّ هذا البعد الاحتفالي الطقوسي كانت حركة النهضة تودّع
الفكرة المؤسسة والجوهر الحيّ الذي أبقاها حركة حيّة في نفوس أتباعها وأشياعها.كانت
الفكرة الإسلاميّة التي استمدّت منها حركة النهضة مشروعيّة وجودها وقوّة حضورها
وأكسبتها بعدا شعبيّا يقوى تناسبيّا مع مغالبة الدولة للدين ومحاربة مظاهر التديّن
ومحاولة "التحديث القصري" المملوء "علمنة"التي تستحثّ الخطى
نحو النموذج الفرنسي بعيدا عن هويّة الشعب وقيمه الدينيّة.
عاشت النهضة في وجدان
النّاس حركة إسلاميّة وكذلك استعادها ناخبوها في أوّل انتخابات تشريعيّة بعد
الثورة وكانت أسئلة النّاس في الحملة الانتخابيّة مليئة روحا إسلاميّة في قضايا
المجتمع والتعليم والاقتصاد والثقافة والسياحة وكان المترّشحون للانتخابات يجيبون
بالآية والحديث ونصوص السيرة وأخبار الصّحابة مع التأكيد على ضرورة المزاوجة بين
العمق الإسلامي "للمشروع" الذي تتبناه حركة النهضة ومقتضيات الحداثة
والحكم في الدولة المعاصرة..
إنّ هذا التحوّل المباغت
تحوّل دفعت إليه النهضة دفعا بعد تجربة الحكم والانقلاب الدّموي في مصر والحرب
الأهليّة في سوريا واليمن وليبيا ومحاصرة التجربة الإسلاميّة والحركات التي تتبنّى
الفكرة الإسلاميّة في الأردن والكويت لذلك كانت مسالك الخروج غامضة ومراوغة في
مستوى العبارة ومضامين الخطاب واعتماد عبارات "التخصّص" و"العمل
المجتمعي" بعيدا عن "العمل السياسي" لا يلغي مزالق منهجيّة كثيرة
لن يقدر قادة النّهضة على الإجابة عنها في ظلّ أسئلة حائرة تردّدت في قاعات
المؤتمرات أثناء مناقشة اللّوائح.
البهرج الاحتفالي
والمبالغة في طقوسيّة الفرجة وبناء مشهد تعبّدي في افتتاح المؤتمر شكل من أشكال
تخدير الجمهور وإخفاء مداخل المتاهة وتعمية السبيل وانحرافات السير ..في افتتاح
المؤتمر طقوسيّة ظاهرة تشبه إلى حدّ ما تلك الطقوس الاحتفاليّة التي تصاحب تقديم
القرابين في المعابد الوثنيّة القديمة حيث يسعد الضحيّة كثيرا بمراسم الاحتفال قبل
قتله.
الأضواء وهتافات
"الجمهور" ووصلات الموسيقى كلّها عناصر لبناء مشهد فرجوي يتجاوز مجرّد
استعراض القوةّ والتأكيد على وجود ميداني تسرّبت مخاوف انكفائه للقادة والأنصار .بل
كان شكلا من أشكال التعبير "الاحتمائي" الذي تعبّر من خلاله المجموعات
المستهدفة اثنيّا أو دينيّا عن حضورها القويّ وقدرتها على المواجهة.يدرك قادة
النهضة والذين أشرفوا على هذا الافتتاح الاحتفالي مخاوف الاستهداف والرغبة التي
تجتاح كثيرا من المكوّنات السياسيّة في إقصاء النهضة ولذلك كان هذا المشهد
الاستعراضي الذي يشبه إلى حدّ كثير ما يصنعه جمهور الملاعب .
في احتفال رسميّ وفي
المؤتمر العاشر للحركة يعلن القادة وبحضور المشيّعين والمودّعين عن إخراج
"الروح" وقتل الفكرة المؤسسة والردّة عن الأصول الثابتة التي ميّزت
الحركة سياسيّا وثقافيّا وتربويّا وفي خطاب متفلسف "سوفسطائي" يرثي
القادة أفكارهم ومبادءهم لتبقى الحركة عارية فكريّا من غير لباس ولتستحيل حزبا
سياسيّا كالماء تماما لا لون له ولا طعم ولكنّها سهلة الهضم والاحتواء تتشكّل حسب طبيعة
الوعاء سعة وضيقا .
سيقولون كثيرا من الكلام
البليغ وسيستعينون بمهارات الدّفاع والحجاج وسيذهبون في متاهات الغموض التي تبنيها
العبارات ولكن حتما لن يقدروا على القول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
تتشابه الأحزاب جميعا في
الرؤى الاقتصاديّة والثقافيّة فلا عبقريّة لكل حزب تميّزه بل إنّها كانت استنساخا
بائسا للنظام السابق في خياراته وحلوله الاقتصاديّة ولم تكن ميزة حزب حركة النهضة
في الطرح الاقتصادي أو غيره وإنّما كانت ميزة الحزب في ذلك العمق الديني والفكرة
الإسلاميّة .الروح التي أبقت الحركة جسدا حيّا رغم سنين الظلم والقمع.
الحركة الآن بلا روح وبلا
فكرة وبلا مشروع هي الآن لون مستنسخ من ألوان كثيرة بعضها منكور ومكروه وعمليّة
"المحو الصّاخب" الذي مارسه قادتها في يوم الافتتاح للمؤتمر العاشر هي
الفصل بين روح حيّة تحيا في وجدان النّاس وجسد سيبلى ويفنى كما بلى من قبله من
أحزاب.
محمد المولدي الداودي.
الأربعاء، 11 مايو 2016
السّادة النوّاب وعقليّة
"القبيلة"
كانت القبائل في الجاهليّة
إذا نبغ فيها شاعر تقيم الأفراح أيّاما وشهورا لأنّ الشاعر هو الذي يذكر محامدهم
ويمجّد أبطالهم ...وفي تونس الجمهوريّة استعاض النّاس والقبائل بالنوّاب عن
الشعراء وصار النائب لسان قومه وقبيلته.
وفي تونس ما بعد الثورة لم
تتغيّر البنية العميقة للشعب وظلّ الناس
يفكّرون خارج مفهوم الدولة ومؤسساتها وكان تفكيرهم ( السّاسة والنخب والإعلاميون
ورجال الأعمال..) مرتبطا بالجهة ضمن تقسيم البلاد وجدانيّا إلى أحياز وأحواز..لقد رسّخ
بورقيبة هذا المنهج السياسي الاقتصادي وضيّق حدود البلاد ( السّاحل والعاصمة..)
وكذلك فعل ابن علي وظلّت المناطق الداخليّة صورة للتهميش والتفقير ..
عوّض بورقيبة العروشيّة (
الرّابطة الدمويّة وسلسلة النسب) بالجهويّة ( الرّابطة المكانيّة ) وكرّس في
الوجدان التونسي وفي الفعل السياسي والإداري مجموعة من التناقضات وعلى امتداد
الدولة الحديثة تعمّقت الفوارق وتحقّقت الفرقة بين أبناء البلد الواحد.
هذا الشكل من التفكير
تسرّب إلى ممارسة النوّاب الذين كثيرا ما عبّروا في ممارساتهم عن رؤية ضيّقة تجمل
عمل النائب في الدّفاع عن مدينته وقبيلته وعرشه ...
في القصرين لابدّ من
الإقرار بهذا المنهج حيث يغيب اجتهاد النائب عن المعتمديّات التي لم تتمثّل في
مجلس نوّاب الشعب ( القصرين 8 نوّاب من 13 معتمديّة) ويظلّ اهتمامهم معبّرا عن
رؤية سياسيّة تحكمها شروط الانتخاب والتصويت ..
العيون سبيبة جدليان
وغيرها ...معتمديّات تنتمي جغرافيّا إلى ولاية القصرين ولكنّها صورة عن التهميش
المضاعف وطنيّا وجهويّا ولابدّ للسادة نوّاب الشعب عن دائرة القصرين من تأمّل
الخارطة الجغرافيّة وقراءة المعطيات التنمويّة بعيون العدل لا عيون الانتماء
الجهوي.
سبيبة المدينة التي لم
يزرها السيّد الوالي في جلسة عمل خاصّة بالمسائل التنمويّة ومصحوبا بالمسؤولين
الجهويين ..
سبيبة المدينة التي لم
يزرها السّادة النوّاب في جلسة عمل يستمعون فيها لمشاغل مواطنيها...
ولذلك فالمرجوّ أن يعيد
السادة النوّاب صياغة القوانين الانتخابيّة ليشمل التمثيل النيابي كلّ المعتمديّات
(264 ).
وعلى أهل سبيبة التفكير
خارج عقليّة الصّراع الزّائف ..عليهم التفكير في الجهة ...
محمد المولدي الداودي.
العائدون من الغياب
العائدون من الغياب
في ليلهم وطن
في صبحهم وطن
وفي خطوهم أجل
في أعين الفجر يمضي حلم
عودتهم للصغار
في الليلة السابقة وعدوهم
..أمانة الانتظار
ينتظر طفلهم ..تنتظر
أمّهم...ينتهي سفر ومسار.
في غفوة الليل يجمع ظلمته للرحيل
في غفوة الفجر يكتب تعداد
يومه قبل استفاقة النائمين
ويحصي ثواني
البزوغ..مشرئبّا لشمس النهار
...........
رصاصة أولى
..تذهب غفوة الأزمنة ..وتكتب أجل الرّاحلين
فتنشقّ من جرحه ذاكرة
ويبزغ في الفجر بعض الهيام
صبيّ يداعب شهوة الانتظار
...
أمّ تقبّله ...وداعا... رّجاء
يلاحق خطوه في السبيل
زوجته من هناك ...بعيدا
..بعيدا تودّعه بالحياء
فيكتشف العشق في شفتين
تقولان في الصمت كلّ الكلام.
رصاصة ثانية...
وردة ...يرسم دمه في
التراب
يردّد لحن الصباح ...أغنية
العائدين إلى وطن في طريق الغياب
شمس هناك...تكتب يومها في
دورة دائمة
تغيب ظلال المكان ...وتنمو
ملامح الطفل والأمّ في الوردة العائمة
ويحبو على الأرض صوت يراه
صغيرا...صغيرا كدائرة في السّراب
يحنّ إلى أرضهم ...يحنّ
إلى صوتهم.. يحنّ إلى وطن في الإياب.
محمد المولدي الداودي
الجمعة، 6 مايو 2016
سبيبة: الملائكة يتألّمون.. الصمت ..وجع الصّرخة
سبيبة: الملائكة
يتألّمون..
الصمت ..وجع الصّرخة
في السّاحة الخارجيّة
لمعتمديّة سبيبة أحاطها جمع من الزائرين والمعتصمين من المعطّلين عن العمل وسألوا
الأمّ سؤال الشفقة والتعاطف وأجابت جواب الشكوى والانكسار.
كانت تحمله بين يديها قطعة
من القلب والوجع ..كانت تحدّث عن أوجاعه بلسان الأمّ تقتلها الصّرخة وقلّة ذات
اليد.وكنّا نسمع ..
صغيرا كان ..لم يعرف من
الكلام غير الصرخة الأولى ..لم يعرف ضوء الشمس ..لم يعرف وجه الأمّ ولا وجه الأب
..
صغيرا كان...وصغيرة
أمانيه..
سعيدة إحدى مواطنات عين
الخمايسيّة القرية التي ألقتها جغرافيا الوطن في معتمديّة سبيبة من ولاية القصرين تعيش يومها ككل النّاس في هذه
الأرض بحثا عن رزق هارب ..حدّثت عن ابنها الذي نزل الأرض عليلا لا يطيق حركة ولا
يقدر على كلام...سافرت به كلّ مكان وسفر معها حلم الشّفاء حتّى أعجزها الجهد
وأتعبها التردّد على المستشفيات وعيل الصّبر وقلّت الحيلة ...
حدّثها بعض الأطبّاء أنّ
خطأ طبيّا منذ الولادة هو ما أصاب وليدها وذهب بقدرته على كلّ شيء ...وحدّثها بعض
الأطبّاء أنّ ما يحتاجه الوليد هو عمليّة جراحيّة غالية التكلفة ...غالية القيمة
بمقدار حلم يعيد لطفل شعورا إنسانيّا بالحياة.
في هذا اليوم حدّثتنا حديت
الحلم ممزوجا بغصّة الأوجاع وأرتنا بعضا من تقارير طبيّة ووصفات لأدوية تتعرّج
خطوطها تعرّج حياة الصبيّ وآلامه.
ثمن الأدوية يساوي كثيرا
من جهد الأب وأيّامه القاسية ...ثمانون دينارا قالت ..وخمسين دينارا أضافت...
سألناها: ونحن أعجز ما
نكون عن السّؤال وقد جفّت الكلمات .. ونسي المعتصمون من المعطّلين عن العمل
أوجاعهم وخفّ على الزائرين لهذا المقرّ حمل المطلب وثقل الحاجة..وقالت ..أطالب بإجراء
عمليّة جراحيّة ..أطالب برعاية طبيّة..أطالب بتدخّل من يقدر على المساعدة..
الحياة أحيانا أصغر من
دمعة أمّ تحتضن ابنا مريضا...
محمد المولدي الداودي
سبيبة: حملة"وينو المعشّب" تثمر اجتماعا مع الوالي في انتظار الشروع في الإنجاز.
سبيبة:
حملة"وينو
المعشّب" تثمر اجتماعا مع الوالي في انتظار الشروع في الإنجاز.
أطلق نشطاء في في العمل
الجمعيّاتي حملة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" حملة "وينو
المعشّب" وذلك لإثارة انتباه المسؤولين المحليين والجهويين حول تعطّل مشروع
تعشيب الملعب البلدي بسبيبة وهو مشروع مبرمج منذ سنة 2011 .وقد لقيت هذه الحملة
تفاعلا كبيرا في أوساط الشباب الذي دعا غلى تحرّكات احتجاجيّة تدفع في اتّجاه
التسريع في إنجاز هذا المشروع الضروري والحيويّ بالنسبة لشباب الجهة .
كثيرون هم الذين يستهويهم
الملعب البلدي من الأطفال والشباب والجمعيّات الرياضيّة وخاصّة جمعيّة النجاح
الرياضي بسبيبة التي تتصدّر الترتيب متقدّمة على الفريق الثاني بأربع نقاط..
ورغم الأصداء الإيجابيّة
لجلسة هذا اليوم 05/05/2016 والوعود بالتسريع في إنجاز مشروع تعشيب الملعب البلدي
تتواصل الحملة دون أن تغفل مواضع أخرى في ملفّ الجمعيّة الرياضيّة ومنها ملفّ
الديون والصعوبات الماليّة ...
الاثنين، 25 أبريل 2016
نحن باقون على العهد.
نحن باقون على العهد.
عشيّة هذا اليوم يتمّ استدعائي للبحث في شكوى قدّمها أحد المواطنين
ضدّي على خلفيّة منشور على حسابي على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك.
منذ 2010 كانت لي مدوّنة أبثّ فيها أفكاري ومواقفي وفي نفس السنة
أنشأت حسابي الخاصّ على موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك) وفي هذا الحساب عبّرت عن
مواقفي وقلت فيه ما أراه من رؤى فكريّة أو سياسيّة أو ثقافيّة وفيه استعرت من لغة
النّاس آلامهم وأشرت إلى مواضع العيب في قريتي إشارة المشفق المتألّم .
في 2010 كان حسابي هذا صوتا للثائرين وكنت أعلم يقينا أنّ زوّاره من المخبرين والأمنيين وكنت أنتظر في كلّ ليلة زيارتهم ...
اليوم 25/04/2016 يتمّ استدعائي من طرف مركز الشرطة بسبيبة للبحث في شكوى رفعها أحد المواطنين على خلفيّة منشور على حسابي كتبته بتاريخ 05/04/2016 وتتعلّق بشبهة فساد في المدينة.
في هذا الفضاء كتبت مئات المقالات وكتبت عشرات المقالات في صحف عربيّة عالميّة وفي صحف تونسيّة مختلفة ولنا الشّرف أن نشتكى من أجل الانتصار لقضايا المظلومين.
أعتقد أنّ يوم الغد إن شاء الله سيكون له ما بعده "وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون"
محمد المولدي الداودي.
في 2010 كان حسابي هذا صوتا للثائرين وكنت أعلم يقينا أنّ زوّاره من المخبرين والأمنيين وكنت أنتظر في كلّ ليلة زيارتهم ...
اليوم 25/04/2016 يتمّ استدعائي من طرف مركز الشرطة بسبيبة للبحث في شكوى رفعها أحد المواطنين على خلفيّة منشور على حسابي كتبته بتاريخ 05/04/2016 وتتعلّق بشبهة فساد في المدينة.
في هذا الفضاء كتبت مئات المقالات وكتبت عشرات المقالات في صحف عربيّة عالميّة وفي صحف تونسيّة مختلفة ولنا الشّرف أن نشتكى من أجل الانتصار لقضايا المظلومين.
أعتقد أنّ يوم الغد إن شاء الله سيكون له ما بعده "وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون"
محمد المولدي الداودي.
الثلاثاء، 8 مارس 2016
أحداث بنقردان الإرهابيّة 2016...أحداث قفصة الإرهابيّة 1980
أحداث بنقردان الإرهابيّة
2016...أحداث قفصة الإرهابيّة 1980
سماسرة الدمّ...وتجّار الأوجاع
اقرأ الصفحة الأولى...يا قارئ
التّاريخ.
قبل العبور ..احمل زادك المعرفي
(من الضروري العودة إلى قراءة أحداث قفصة للوقوف
على عناصر التماثل بين الجريمتين.)
قد يصيبك الغثيان وأنت تستمع
لمذيع بإحدى الإذاعات التونسيّة الملوّثة لنقاء الأثير وصفاء الذهن ...وقد يصيبك
الهذيان وأنت تشاهد حصصا تلفزيّة نفث من خلالها أصحابها سموم الصّراع السياسي
والفكري..وفي الوقت الذي كتب فيه الشهداء من العسكريين والأمنيين والمدنيين
بدمائهم قصائد حبّ الأوطان ورسائل عشق البلدان كان محترفو السياسة وتجّار الوجيعة
والدّم يفتحون ملفّات الصراع السياسي ويقيسون موازين الرّبح والخسارة.
الإرهابيّون الذين أقدموا على
جريمة الفجر في بنقردان فجر يوم 07/03/2016 أعادوا إلى الذّاكرة التونسيّة أحداثا
منسيّة في التاريخ التونسي وعادوا إلى صبيحة يوم الأحد 27 جانفي 1980 حيث أضاف
المؤرّخون إلى تاريخ تونس أحداث قفصة .
بين الجريمتين تشابه عجيب في
مجرى الأحداث ومنهج القتل ومكان التدريب وطرق التنفيذ فقط شيء واحد يصنع الفارق
ويبعد بين الجريمتين وهو المجرمون القتلة:
في أحداث بنقردان 2016 جماعات
إرهابيّة أخطأت فهم السياسة والدين والتاريخ ممّن نسبوا أنفسهم إلى العمل الإسلامي
فحرّفوه ولعلّهم مزيج رهيب من العمل المخابراتي والتوظيف الأمني والسياسي والفهم
المحرّف للدين والعقيدة .
في أحداث قفصة مجموعة من
التونسيين الذين تشرّبوا الفكر القومي على منهج العقيد القذّافي وأرسلهم إلى تونس
تصديرا للثورة "وينتمي اغلب المشتركون إلى الجبهة القومية التقدمية. كما
كان اغلبهم من الشباب، غير المتزوجين، والذين تتراوح أعمارهم من العشرين إلى
الثلاثين عاما. وهم جميعا من العمال وأصحاب المهن والأعمال اليدوية والفلاحة، من
الذين هاجروا إلى ليبيا من اجل لقمة العيش، فاستغل النظام حاجتهم، وجندهم لخدمة أهداف
عبثية".
إنّ هذا التشابة بين جريمتين تفصل بينهما 36 سنة يدعونا
إلى قراءة نقديّة تاريخيّة للأحداث بعيدا عن غوغاء الساسة وأحقاد المتأدلجين وحفظا
لنقاء دماء الشّهداء وانتصار لقيمة العقل.
مسارات التاريخ تصنعها أحداثه
ووقائعه وأيّامه..وأحداث التاريخ محكومة بخطّ زمنيّ تترابط حلقاته وفق منطق
التتابع أمّا كتابة التاريخ فقصّة أخرى تحرّكها رياح السياسة وأهواء
السياسيين.ولكنّ هوامش التاريخ المنسيّة تظلّ حيّة في ذاكرة النّاس تستعيدها بعيدا
عن سلطة المنتصرين المحرّفين للوقائع وفق مقاسات مطلوبة وأزمنة منسوبة فيحذف
ويضاف.
التاريخ التونسي الحديث كان
تاريخ بورقيبة ودولته ولم يكن يوما تاريخ الشعب التونسي وعلى هامش ما سمح بورقيبة
بكتابته تلوح خطوط باهتة من تاريخ منسيّ صنع عناصر الصّراع بين دولة بورقيبة
ومؤسّساتها والخارجين عن سلطتها والمنكرين لعبقريّة الزعيم الأوحد والمجاهد الأكبر
..وضمن هذه الدائرة من الصّراع كان الخلاف بين اليوسفيّة والبورقيبيّة باعتبارها
خيارين للدولة من حيث الهويّة والامتداد ومنهج التسيير والإدارة وكانت
"المحاولة الانقلابيّة سنة 1962" أعتى تجليّات هذا الصّراع
.."انتصر"بورقيبة ولكنّ هذا "النصر" أنتج رؤية في الحكم حقّقت
تصوّرا مخصوصا خالف فيه بورقيبة كلّ حكّام العرب الميّالين إلى الاستبداد عبر منهج
الانقلابات العسكريّة فعمل بورقيبة على إضعاف المؤسسة العسكريّة خوفا من تكرار ما
حدث في الجزائر وليبيا ومصر والعراق وسوريا والسودان وغيرها من البلدان(
الانقلابات العسكريّة).
أضعف بورقيبة المؤسّسة
العسكريّة خوفا من الانقلاب فقويت المؤسّسة الأمنيّة انطلاقا من حاجة النّظام إلى
جهاز أمني قمعي يواجه حركات المعارضة السيّاسيّة وهذا ما حدث فعلا في كثير من
الوقائع التاريخيّة التي أكّدت تلك النزعة التسلطيّة التي ميّزت النظام البورقيبي
حيث واجه كلّ أشكال الاحتجاج السياسي أو الاجتماعي أو النقابي بالحديد والنار (
أحداث 26 جانفي 1978/أحداث قفصة 1980/انتفاضة الخبز 1984..)
توكّد هذه الوقائع المعبّرة عن
حلقات من الصّراع العنيف بين السلطة ومعارضيها ما رسّخته سياسة بورقيبة من مناهج
التعبير عن "الفعل المعارض" .
انتهج نظام ابن علي نفس الأسلوب
الذّي رسّخه بورقيبة في التعامل مع المختلف السياسي وسلك مسالكه في القمع
والاستبداد والقتل وأوجد بذلك نفس البيئة المولّدة للفعل المعارض العنيف وهذا ما
تجلّى في بعض الأحداث التي نسبها النظام لعناصر منتمية للاتجاه الإسلامي في بداية
التسعينات ثمّ كان الشكل الأكثر عنفا والّذي ينسجم مع تشكّلات معاصرة للفعل العنيف
في مواجهة السلطة والأنظمة ( الإرهاب) من خلال أحداث سليمان 2006/2008.
مثّلت الثورة التونسيّة شكلا من
أشكال المعارضة التي يلتقي فيها المطلب الاجتماعي بالمطلب الحقوقي بالمطلب السياسي
ولئن كانت في أغلب أحداثها سلميّة فإنّها شهدت تعبيرات عنيفة تؤكّد نزعة من العنف المصاحب للتعبير
المعارض من خلال حرق المراكز الأمنيّة..وفي الثورة التونسيّة تهاوت رموز الدولة
ومؤسساتها ممّا أنتج حالة من الفراغ الأمني الكبير الّذي استثمرته الجماعات التي
تتبنى العنف والإرهاب منهجا للتغيير السياسي.وعمّق الصّراع الإيديولوجي والسياسي
حالة الوهن الأمني الذي أصاب المؤسسة الأمنيّة وحتّى العسكريّة.
كان لعسكرة الثورة الليبيبّة
والثورة السوريّة أثر خطير أعاد الفعل المعارض العنيف إلى الواجهة بعد أن خبا في
الثورة التونسيّة وأعاد المشروعيّة للمواجهة المسلّحة للأنظمة وفي هذا الصّراع
تدافعت الأيديولوجيات تدافعا شديدا وأضحى الاختلاف بيّنا بين كلّ الفرقاء ( الثورة
الليبيّة والثورة السوريّة والثورة اليمنيّة وحدّة الاختلاف في تقييم أحداثها).
تغذّى الصّراع السياسي الشهواني
في بلدان الثورات (المدفوع بغريزة الصّراع الفكري والإيدولوجي المفتقد لعقلانيّة
إدارة الاختلاف وتسيير الخصومة ) تغذّى بحدّة الاستقطاب الدّاخلي والنزعة
المصلحيّة الغالبة على السياسة الدوليّة والاقليميّة فأنتجت مخابر المخابرات
العالميّة المتحالفة موضوعيّا مع الأنظمة القمعيّة مخلوقا مسخا هو مزيج من هستيريا
القتل وجنون الإيدولوجيا ومرض المغالاة في الدّين وأصاب هو المخلوق المسخ الثورات
الشعبيّة في مقتل .
أحداث بنقردان كما كلّ الجرائم
الإرهابيّة تطرح أسئلة كثيرة وتضيئ زوايا مظلمة يخشى الكثير تأمّلها وتفتح صندوق
ألغاز يخشى الكثير كشفه.
نحتاج إلى كتاب التاريخ التونسي
المعاصر منذ بداية تشكلّ الوعي الوطني وعلينا أنّ نتوقّف قليلا في مسارات الخيبات
فيه وعلينا أن نحصي جرائم الطّغاة في أوطاننا حتّى نتمكّن من إحصاء جرائم الغلاة
والبغاة..علينا أن نعيد رسم خطوط المتاهة العالميّة التي وقع فيها شباب انتزعوا
عقله وضخّوا في قلبه دماء قاتلة وحسّ وحشي يدفعه إلى القتل.علينا أن نصمت قليلا حتى
يطمئنّ الشهداء في سماء نعيمهم فغوغاء السّاسة تعذّب أرواحهم.
محمد المولدي الداودي
تونس
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
شعريّة النصّ الحماسي عند أبي تمام والمتنبّي وابن هانئ ليست الحماسة غرضا شعريا قائما بذاته ضمن أغراض الشعر العربي المعروفة التقل...
-
المحور الخامس : الرّواية العربيّة ( حدّث أبو هريرة قال..) لمحمود المسعدي. الأهداف: 1- تبيّن الخصائص الفنيّة في الرّواية: - بنية كامل...
-
مسرح التسييس محمد المولدي الداودي • شكّلت هزيمة 67 حدثا صادما تجاوز مستوى الجماهير الحالمة بالنصر واستعادة الأرض ليبلغ مس...
-
حديث الغيبة التمهيد: حديث الغيبة تطلب فلا تدرك هو الحديث السّابع عشر من أحاديث رواية " حدّث أبو هريرة قال..." وكان إطلالة على ...