تراجيديا النهاية
وغوغائيّة التشكيل.
حاول الحبيب الصيد هذا
اليوم 30/07/2016 الانتقال من صورة المصارع Gladiateur في المسارح الرومانيّة القديمة
المحكوم بقواعد اللعبة والفرجة والمدفوع نحو النهاية القاسية إلى صورة البطل
التراجيدي الذي يختار نهايته الفاجعة وفي اختيار النهاية تحتمل النهاية رسما من
المجد ويكتسب البطل المغدور شيئا من التعاطف ويمارس الجمهور بعضا من مظاهر التطهير
عبر مأساويّة النهاية..
لم يكن مجلس نوّاب الشعب
هذا اليوم إلاّ مسرحا تمتزج فيه الفنون الهزلي السّاخر والتراجيدي القاتم ولم تكن
كلّ العناصر المشاركة في الاجتماع إلا عناصر فنيّة تؤكّد ذلك الميل إلى الفعل
المسرحي..
نوّاب الشعب هذا اليوم جزء
من مشهد تمثيلي يفتح هذه المسرحيّة على بعد ملحمي واضح فهم جزء من الجمهور ولكنّهم
ممثلون يقتحمون فضاء المسرحيّة عبر مداخلات تؤكّد سرديّة الخطاب المسرحي...
التناقض المطلق بين خطاب
النوّاب وما أنجزوه من سحب للثقة أثناء التصويت ورفض التجديد لرئيس الحكومة هو
مساحة وعي يستعيد من خلالها المواطن مرارة الواقع فينشأ سؤال السياسة وقيمها والصدق
ومقاماته في تونس.
في نهاية الجلسة ينشأ سؤال
الوطن ومخاوفه ..وتتجلّى علامات النفاق السياسي وتتبدّى مظاهر المخاتلة والمناورة
وينساق الجميع في مسار مجنون يقول القول ونقيضه في آن..يغيب المنطق في هذا اليوم
وتتشكّل ملامح لشخصيّات جوفاء بلا موقف ولا رؤية أطلقت عليهم الصدفة لفظ نوّاب
الشعب.
ما حدث اليوم في باردو
يرسم حدودا سوداء لواقع تونسي كشفت الثورة خواء كلّ عناصره...وفي فلسفته وحكمته
يتبدّى الفعل السياسي في تونس مزيجا من الانتهازيّة والغوغائيّة والقطيعيّة
المدفوعة بمبدأ الانضباط الحزبي...
في مجلس النوّاب الكلّ
حاضر ويغيب وطن مساحته مشاعر من القهر والظلم.
محمد المولدي الداودي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق