حديث الكمين
حدّثنا من نثق في كلامه
ونتّبع صوابه ونترقّب في السمر خطابه وأضاف إليه الثقات من صحبه خبرا ولم ينكره
العارفون بعلم الكمائن والخبراء في ميادين الصيد والطرائد قال..
كانت الثكنة بعيدة بعد الوصل
في صحراء غريبة الاسم والرسم رمالها كالجمر حين يشتدّ فحيح الهاجرة وماؤها أجاج
ويومها إذا اشتدّت الريح مغبّر عجاج يصفع الوجوه ويقتل الأحلام في أفئدة الرجال.
قال :وعند المبيت حين يسدل
الليل ستاره ويغيب من اليوم نوره ونهاره ويسكن الحسّ ويكثر الهمس بلا جواب ويقلّ
التندّر والخطاب وحين تغيب الأنفاس عن الكلام والجند في فرشهم نيام يقوم ذلك
الخفيّ قومة الظمآن للفعل يطلبه ويسطو على الجار من الصحب يسرق منه لذّة غاضبة مستعجلة
وحين تعلو الصيحة في المكان يختفي الفاعل كأنّه جان فلا أثر وسار الخبر بين الجند
سريان النار في الهشيم وصار حديث القادة من العسكر يقولنه بينهم كمدا فقد أعجزتهم
حيله وشرّدتهم سبله وهو في منعة من الوقوع يفعل الأفاعيل ثم ينجو بشهوته وضلاله.
قال:حتى إذا كان الصباح أقبل
شاب من شباب الثكنة يريد أن يثأر لصحبه من صاحب الفعلة واقتحم مكتب كبير الجند حتى
أخافه ورفع يديه حتى كاد يطاله وقال متحمسا يريد القتال ّ"سيّدي عندي الحلّ
لصاحب الحيلة "فاهتزّ كبير الجند اهتزاز الغريق يريد من ينقذه ورفع الحاجب
منتبها وفتح العينين متحيرا يرغب في السماع فاقترب الشاب وأطال الهمس وكبير الجند
يتعجّب حتى إذا فرغ من المناجاة رفع اليدين وصفّق وأقبل على الشاب محتضنا وكاد
الدمع يفضح سروره لولا لباس الجنديّة وما فيه من رجولة..
قال الشاب حين اطمأنّ لحكمته
ووثق في فطنته "لا تكون الحيلة إلا من جنس ما يريد الفاعل الخفي وإني عزمت
على إيقاعه حين تعميه الشهوة على اكتشاف الفخّ"
وما يكون الفخّ؟
قال الشاب قول الواثق
:ومايريد الفاعل المتخفي بظلام الليل؟
يريد لذّة عابرة يسرقها من
صحبه في خفية منهم وإنّي استدرجه بها مكشوفة حتى تغويه فإذا اشتدت به الغواية
وأعمته وأقبل إقبال السكران يريد ولا يعقل مسكتموه إمساك العجوز للصّ فيكون النصر
قال الراوي :حدّثنا أحد
الثقات قال .اختلف الرواة في نهاية الخطّة وماكان من أمر الشاب المتطوّع الذى فدى
صحبه أمّا عم مصباح فقد أورد حديثا لم يذكره آخرون من قبله وهو حديث غريب غير ضعيف
أو موضوع قال :في الصباح تحدّث الجند عن شيطان من شياطين المكان لا يعلمه إلا صاحب
الأمر والشان فقد قضى الحاجة من صاحب الفكرة وهو يصرخ حمدا لمن جنّبنا المشقّة في
الطلب ورزقنا الشهوة بلا جزع أو نصب .
وأضاف الراوي معتبرا :يا
أصحاب السمر والليل لكل قصّة عبرة ولكل زمن فتنة وفتنة هذا الزمان الكمائن فاحذروا
الكمين وليرع كلّ منكم متاعه وعياله وتجنبوا الاستدراج فإنّه أوقع في الشرّ ولا
يطلب الرجل منكم الرزق من متاع غيره ولا ينتظره في غير أجله وصفّق مرتيّن وعلا
بالزفير وقال النذير النذير
انصرفوا الليلة ولا تحدثوا
بهذا الحديث الصبية ولا تكتبوه واكتموه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق