كورونا: الإنسانيّة تحتضر.
يبدو خبرا عابرا في
الفضائيّات ..قليل منّا سأل عنه وما سيفعله بالناس..البعض سأل عن اسم المدينة
البعيدة في الصين..يبدو المكان بعيدا بعيدا والناس في ذلك المكان بعيدون عنّا
...فلا يستحقّون السؤال..
لم تتوقّف حياتنا ساعة
توقّفت حياتهم...والفضائيّات فقط تحصي في خبر بارد عدد الموتى...
حملت الأخبار في الفضائّيات
حجم الفاجعة وحملت الطائرات والسفن ريحه ..ورحل ّالفيروس " مع الرّاحلين وأخذ
له في كل موضع سكنّا..
لم تعد الصين وحدها محاصرة
بسرّها ووبائها ..وحملت عواصم العالم ومدنه كثيرا من صفة
مدينة"يوهان"الصينيّة..المدينة اللعنة كما في الكتب القديمة..
انتشر فيروس كورونا في شوارع
المدن وأزقّتها وقراها كما تنتشر السلع الصينيّة واكتسبت كلّ اللغات بعضا من
تعبيرات الفاجعة والصدمة..العبارة الجامعة للإنسانيّة اليوم هي عبارة
"كورونا" كأنّها ترنيمة النهاية.
تحدّث السّاسة ..والسّاسة
يحسنون الكلام..كلامهم كشف رعبا خفيّا حدّثت به ملامح وحركات فضحت طمأنينة
زائفة..الناس في البلدان لا يسمعون الكلام وإنّما يحسنون النظر في العيون..كلام
العيون مخيف كأنّه البكاء..
التقارير الإخبارية بلاغات
تعزية عالميّة وما يقوله المسؤولون الذين ارتقى كورونا إلى مناصبهم يشبه المرثيّات
..الإنسان معرّفا بالألف واللام يحارب شبحا أو قدرا أو غضبا أو غيبا وفي هذه
المعركة الإنسانيّة الخاسرة واجه الإنسان أوهامه وضعفه وزيفه.
في تلك الخلوة في ذلك الركن
بعيدا عن الناس يواجه كلّ منا ذاته يرسم جغرافيا الخوف ويعيد توزيع مشاعره وفق
لعبة الإمكانات القاتلة ...يمنعه خوفه من ممارسة عاداته العاطفيّة يبعد طفله وطفله
يلاحقه كما كان يصنع في ومن الرّخاء والحياة ..يريد أن يضمّه ثمّ يحدّثه عن كورونا
وما فعلت في الناس..
يرفع الهاتف ويسأل عن أهله
في تلك المدينة أو القرية وقبل الجواب تعصف به الظنون وتعصر قلبه ووجدانه...وأحيانا
يجمح به الخيال فيذرف الدمع يخشى أن يكون واقعا..
دائما ما يكون الموت عند
الناس واقعا مستبعدا وهذا هو سرّ الحياة..في هذه الأيام إمكانات النهاية في تفاصيل
الحياة العادية اليومية في المصافحة وغيرها ..أسوأ المشاعر أن تحاصرك الظنون
المنتهية باحتمالية الموت كأنّك تقبض على الجمر مكرها..
لا يمكن لهذا العالم أن يظهر
شجاعته ..فعدوّه قاتل خفيّ ولا يمكن له أن ينكر هزيمته فأعداد الموتى تكشف حجم
الفاجعة...
بعيدا عن انتصارات كورونا
تتشكّل محاور أخرى للهزائم يواجه فيها الإنسان معرّفا بالألف واللام قيما وأخلاقا
وسياسة وفلسفة وجود..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق