دولة الحزب ..وحزب
"الزّعيم"
يبدو أنّ تذكير رئيس الدولة
بتخليه عن رئاسة حزب حركة نداء تونس بسبب" ضرورة" دستوريّة لم يكن إلاّ
اعتراضا في معنى الدلالة النحويّة والدلالة السياسيّة حيث انجرّ انجرارا إلى
الحديث عن الأزمة الداخليّة للحزب الذي كان يترأسه وتبدو تلك المقدّمة التي انطلق
منها في الحديث عن الهدنة الاجتماعيّة والسلم الاجتماعي مدخلا تمهيديّا
و"ديباجة" تؤطّر جوهر الخطاب ..السيّد الرئيس في هذا الخطاب لم يكن
رئيسا لكل التونسيين وإنّما أكّد في هذا الخروج الإعلامي أنّه لم يفكّر إطلاقا
بمنطق المتغيّرات السياسيّة والدستوريّة بعد الثورة وإنّما كان تفكيره كما صورته
وسلوكه "نسخة" مشوّهة لبورقيبة الذي كرّس في السياسة التونسيّة ذلك
الجمع المخيف بين الدولة ومؤسساتها والحزب وإطاراته ..
لقد كان الباجي قايد
السبسي هذه الليلة رئيسا لحزب أنهكته الصراعات السياسيّة ولم يكن رئيسا للتونسيين
غير أنّ الباجي قايد السبسي كان يدرك أنّ تهاوي الحزب الذي رمّمه يساوي تهاوي
كرسيّ الرئاسة في قصر قرطاج ..
الحديث عن حزب سياسي بدل
الحديث عن هموم الشعب ومشكلاته يطرح السؤال الأهمّ في تونس : هل أدرك الرئيس أنّ
مشكلة الحزب الذي رمّمه سرعان ما ترتدّ إلى مشكلة وطنيّة عبر صراع الأجنحة فيه؟ هل
أجاب الرئيس هذه الليلة عن ظاهرة الإرهاب في تونس ومن يستثمر في الدّم التونسي؟أنا
فهمت في غور الخطاب جوابا عن سؤال يطرحه الشعب عن رئيسه وفق العبارة المجازيّة
بمعنى دلالة الجزء عن الكلّ .
الباجي هذه الليلة لا
يمثّل كلّ التونسيين ولقب "الرئيس" بالنسبة له منذ هذه الليلة هو توسّع
مجازي لا يعبّر عن الحقيقة.وذاكرة الباجي التي تؤرّخ للتاريخ التونسي المعاصر منذ
البايات ثمّ نظام بورقيبة ونظام ابن علي وانتهاء بالثورة لم تسقط معتقداته
السياسيّة التي يستمدّها من "زعيمه الملهم".
هذه الليلة أيّها السادة
ابتلع الحزب الدولة واستعار الرئيس صورة الزّعيم وأستعاد التاريخ دورته
القاتلة...دولة الحزب ..وحزب الزّعيم ..أمّا الشعب فخارج دائرة الدولة وتحت سلطة
الزّعيم.
تحيا الدولة التونسيّة
ولتسقط كلّ الأحزاب.
يحيا الشعب التونسي وليسقط
كلّ "الزعماء"
محمد المولدي الداودي
سبيبة القصرين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق